للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[روح الشعب الانكليزي]

في هذا العصر

منذ بدء هذا العام تولي رئاسة مجلة المجلات الانجليزية التي أسهها ذلكم الكاتب الغريب المعروف بأبحاثه النفسانية وعجائب الوحي الروحاني والذي استشهد غريقاً في سفينة التايتنك، وليام ت ستيد. كاتب آخر من سادة الصحفيين الانكليز وكبرائهم وهو السير فيليب جيبس. فدخل على المجلة بدخوله مظاهر التحسين والإبداع. وأقبل الكتاب الأعلام في الشعب الانكليزي على المجلة يسهمون في تحريرها ويخصونها بمقالات خطيرة وقد صدر العدد الأخير من المجلة بمقال لرئيس التحرير بهذا العنوان الذي وضعناه في رأس هذا البحث فآثرنا نقله للقراء لما فيه من الحقائق الغريبة والمعاني السامية.

كل ما أقصده ببحثي هذا الكلام على الشعب الانكليزي عامة. لا عن الاسكوتلنديين فحسب أو أهل الغال (ويلس) فحسب. والسؤال الذي أريد أن أجيب عليه وأتحيل على حله واستكناه حقائقه هو سؤال ليس بالسهل ولا بالذلول. وأعني به هذا (ماذا بقي لنا من خلقنا الانكليزي القديم المتأصل فينا وروح شعبنا ومزاجه وغرائزه القوية، بعد ما أفنت الحرب الكبرى أبدع رجولتنا، وقتلت أعز شبيبتنا، وطاحت بأنضر فتيتنا، ولا سيما في هذا العصر الذي أصبح نظام المجتمع الإنساني فيه مهدداً بالأخطار يريد أن ينقض، لا شك عندي البتة في أنه لو سقطت انجلترة إلى هوة الفوضى أو لو تداعى بنيانها الاجتماعي فجأة. فلا يكون من ذلك إلا أن تجفل أوروبا بأجمعها من أثر هذه الصدمة وتتزعزع أركان العالم كله ويرتج صرحه. بل لا يكون من ذلك إلا الضربة القاضية على جميع الآمال والأماني الكبرى في شفاء الإنسانية من جراحات هذه الحرب الأخيرة وتأسيس مجتمع سامي عام يشتمل الأمم كلها ويمشي إلى مدينة منتظمة متخلصة من هذه المقاذر التي تلوث المدينة الحاضرة وذلك لأن انجلترة ما فتئت منذ أبعد العصور ساحلاً آمناً في وسط زوابع التاريخ وعواصفه. وعاملاً من العوامل المؤثرة في نظام العالم وقوته. ولئن كان أكثر أمم العالم ينظرون إلينا بعين الكراهية ويبغضوننا البغض كله فلا يزالون ينظرون إلى انجلترة نظرهم إلى صخرة مكينة ثابتة. وهم يتهموننا - ويتهموننا بحق - بأن ترنمنا بالمبادئ العالمية التي نخفي بها في غالب الأحايين أطماعنا ونياتنا ومقاصدنا الذاتية ينطوي على