للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كرومويل - نابليون بونابرت]

يعلم الذين نظروا في كتاب الأبطال الذي وضعه الفيلسوف الانكليزي توماس كارليل وعربه الفاضل محمد السباعي وأخرجته للناس مكتبة البيان أننا انتهينا فيما أظهرناه من هذا الكتاب إلى الكلام على كرومويل ونابليون بونابرت. وإنّا الآن إتماماً للفائدة ولأن كارليل خير من كتب على نوابغ العالم وكرومويل ونابليون هما من أنبغ النوابغ آثرنا أن نتحف قراء البيان بتلك الكلمات الآلهية التي خرجت من قلب ذلك الرجل الآلهي (كارليل) عن كرومويل ونابليون قال كارليل تمهيداً للكلام على كرومويلز

لقد حدثت في انكلترة حروب داخلية كثيرة: حروب الوردة الحمراء والوردة البيضاء. وحروب سيمون دي مونتفورت - حروب ليست من الأهمية بمكان ولكن حرب الخوارج (البيوريتان) كان لها من الخطارة ما لم يمكن لغيرها. حتى ليجوز لي أن أسميها جزأً من تلك الحرب العظيمة العامة التي ليس إلا منها يتكون تاريخ الدنيا الحر التصميم - حرب الأيمان ضد الكفر! جهاد حزب الله المتمسكين بالحقيقة ضد الكذبة الفجرة العاكفين على المظاهر والقشور. وقد لا يرى الكثيرون في خوارج انكلترة إلا عصبة سفلة غلاظاً فظاظاً مولعين بهدم الرسوم الكاذبة. ولعلنا نجد لهم عذراً في احتقارهم البطريق لود زعيم الديانة إذ ذاك وحنقهم عليه وعلى أميره الملك تشارلس الأول. ولود هذا هو في رأيي ضعيف العقل منكود الحظ وما هو بالخائن اللئيم. إنما هو رجل أحمق وأكبر حمقه التمسك الأعمى بمذهبه والاستبداد الممقوت برأيه. وهو كناظر مدرسة لا يرى في العالم شيئاً إلا قواعد مدرسته ورسومها وأوضاعها. معتقداً أن هذه هي قوام الدنيا وعماد الوجود. وأن صلاح الكون مرهون بها. والمحنة العظمى والطامة الكبرى أن الملك تشارلس الأول عمد إلى هذا الرجل الذي رأيه في الكون والحياة والوجود هو ما ذكرت وجعله الرئيس لا على مدرسة بل على أمة يدبر من شؤونها أكثرها أشكالاً ومن حاجها ومصالحها أشدها اعتياصاً وإعضالاً. ويرى هذا الرئيس الشقي المسكين أن تدار تلك الشؤون والمصالح بالقواعد القديمة والنظامات العتيقة بل يرى أن نجاحها في إعلان شأن هذه القواعد وتأييد أسبابها. ثم تراه كالأحمق الضعيف يندفع بأقصى الشدة والعنف في سبيل غايته لا يجيل رأياً ولا يعمل روية ولا يسمع نهياً ولا يصغى إلى نصيحة

جامحاً في العنان لا يسمع الزجـ - ـر ولا يرعوى إلى الرواض