للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[روايات البيان]

إيزابلا

أو قصرية النعناع

جون كيتس الشاعر الإنكليزي الكبير من شعراء الطبقة الأولى عاش في أوائل القرن التاسع عشر وتوفي في ١٨٢١ عن خمس وعشرين سنة وهو في ريعان الشبيبة وشرخ الصبا. ويلقبه نقاد الشعر الأوروبي (شاعر الجمال) لأنه بينما شغل شعراء هذا العصر الثوري - عصر الثوةر الفرنسية واستبداد نابليون الأول - مسائلا الحياة الكبرى: الحرية والإخاء والمساواة: فخفيت في تذليل هذه المذاهب الوعرة أقلام (بيرون) و (شيلي) و (وردذورث) أعرض الشاعر كيتس عن هذهالأغراض العامة وأقبل على عناصر الجمال المؤلفة للحياة والكون فأخذ يبدع تصويرها بأبرع يراع، وأحذق كف صناع يستخرج كوامنها ويستثير دفائنها، ويقتنص شواردها ويطرق مواردها.

كالعين منهومة بالحسن تتبعه ... والأنف يطلب أقصى منتهى الطيب

ون آياته البينات هذه القصة الغرامية المنظومة التي فتت بها الأكباد وأذاب بها كل مهجة فؤاد. والتي اقتبسها من قصة نثرية قديمة للكاتب الطلياني بوكاسيو فأفرغها في أبدع قالب من مبانيه، وزانها بالدرر اليتائم من معانيه فجاءت طرفة الأديب وتحفة اللبيب: وها هي:

في مدينة فلورنسا من أعمال إيطاليا كان يقطن في العصور الوسطى أخوان في قصر فاخر منيف، وكان لهما ضياع وعقار وثروة جمة وتجارة واسعة، وكانا يكفلان أختاً لهما يتيمة تدعى إيزابلا آية من الجمال، فاستخدما فتى يدعى لورنزو وكيلاً وكاتباً وأقاماه معهما في القصر ببعض حجراته، وكان رشيق القد حلو الطلعة. فشب الغرام بين هذا الفتى وبين إيزابلا ولبث مكتوماً في صدر كل منهما أشهراً والحياء يحول بينهما وبين المجاهرة والتكاشف.

لهفي عليكما أيها العاشقان! تبيتان على حسرة الجوى، وتصبحان على حرقة الهوى تجدان في التداني برداً وسلاماً. وفي التباعد بغضة وسقاما، وفي وادي الكرى عناقاً والتزاما، وفي دجى الليل مسيلا للدموع وانسجاما.

كلما بزغت الشمس زاد ذلك الحب شغفاً، وكلما غربت تضاعف صبابة وكلفا. فشخصهما