للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مصطفى كمال باشا]

وصف كاتب إنجليزي بطل الإسلام مصطفى كمال باشا قالإن محياه مفعم بآيات الشجاعة وصدق العزيمة، ولا شك في كمال استحواذ العواطف الوطنية عليه. وفناءه فيها، ولا يستطيع حتى أعداؤه أن يجدوا فيه أثرا للمطامع الشخصية وهو جندي فني، ويرى أنه لا نجاة لتركيا إلا بالحرب. وهو من أصل أناضولي فهو تركي أرمني، وهذا المزيج بديع ولكنه خطر جدا. وأنور باشا نتاج مثل هذا المزج. فصلابة الفلاح الأناضولي وذكاؤه وشجاعته ممزوجة فيهما بدهاء الأرمني ولا شك في أن اجتماع هذه الصفات ن حظ الجندي الموفق.

تولى مصطفى كمال قيادة الفرقة التركية التاسعة عشر في غالبيولي سنة ٩١٥ وكان عمره يومئذ ٣٥ سنة وفرقته هذه هي التي صدت هجوم الأستراليين والنيوزيلنديين - ذلك الهجوم التي علقت عليه القيادة البريطانية كل أمالها ولذلك يسمى مصطفى كمال بحق بطل غاليبولي.

ولما قسمت تركيا بمعاهدة سيفر وقطعت أوصالها رفض مصطفى كمال قبول أحكام هذه المعاهدة. وهنا بدأ فيه الدهاء الأرمني يملي عليه خطة العمل فأخذ ينشر دعوته في طول البلاد وعرضها من مكمنه. أما حركته الثاني فالخطوة التي خطاها إلى أنقرة ودعوته الجمعية الوطنية للانعقاد فيها. ولم يكن مدفوعا في هذا العمل إلا بدافع ذاتي بحت لا لأثر للمؤثرات الخارجية فيه.

ولم يلبث بضعة أسابيع حتى أصبح حاكم تركيا الفعلي.

وكانت أنقرة التي اتخذها مقرا عاصمة غالتيا القديمة والمقاطعة التي تسمى باسمها مقاطعة غنية ذات مزارع واسعة للمائية وذات أبناء شداد هم الذين تتكون منهم نواة الجيش الأناضولي.

ولقد فطن مصطفى كمال من أول لحظة إلى أن بقا أرمينيا وأذربيجان في أيدي الحلفاء خطر عليهم وإنه لا مأمن لهم إلا أن تقعا في أيدي الروسيين فعمل لهذا ونجح ولما أمن على ظهره انبرى لليونانيين. ولكن على الطريقة الأرمينية طريقة الدهاء وبعد النظر وقلة المبالاة إلا بوسائل النجاح مهما ساءت ظواهرها ويعلم كل إنسان كيف انتهى أمر هذه الخطط.