للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حديث البيان مع قرائه الأفاضل]

يرى قراؤنا أيدهم الله بعد تصفحهم هذين العددين من البيان أنا لا نألو جهداً ولا نذخر وسعاً في تجويد البيان وإتقانه. واختيار موضوعاته وتقديم ما كان أجدى على القارئين وأرد وأجم للنفس وألذ مع حسن الطبع وجودة الورق وما إليهما وزيادة صفحات البيان في كثير من أعداده عن القدر المفروض له إذا استدعي الأمر ذلك في رأينا فإن القارئ يرى أن العدد الأول لهذه السنة قد بلغ نيفاً ومائة صفحة مع أن المقدر للعدد الواحد ثمانون صفحة ويرى هذين العددين وقد وقعا في ١٩٢ صفحة مع أن المفروض لهما كان ١٦٠ صفحة وسبب ذلك هو ما أجمع عليه رأينا في روايات البيان أن تكون الرواية في العدد الواحد تامة أي تبتدي وتنتهي فيه مع الحرص على أن لا يؤثر ذلك على أبواب البيان الأخرى التي لها المحل الأول عندنا فيضطرنا ذلك إلى زيادة صفحات البيان مهما جلب علينا ذلك من النفقات - ومن هنا نشرنا في هذين العددين رواية نشيد الميلاد للكاتب القصصي الإنكليزي شارلز دكنز صاحب قصة المدينتين التي ترجمها الكاتب محمد السباعي لمكتبة البيان كما ترجم شقيقتها الصغيرة نشيد الميلاد لمجلة البيان - أما نشيد الميلاد هذه فلسنا بحاجة إلى تقريظها والقارئ الكريم على مرأى منها ومسمع - ولقد اضطرنا فضل هذه الرواية ومكانها من اللذة والفائدة أن ننشرها كلها على طولها في هذين العددين بل نقول إن حرصنا على تقديمها كلها للقارئ مرة واحدة كان السبب في نشر العدد الثاني والثالث معاً على الرغم من منافاة ذلك لخطتنا التي رسمناها للبيان في هذا العام - وأنا ننشر عدد كل شهر في إبانه. ولا نضمه إلى آخر من إخوانه. . .

وبعد فقد يهجس بنفس بعقرأة البيان ما يأتي - وهو كيف يعنى البيان هذه العناية بالروايات على قلة جدواها وعلى أن هناك من الموضوعات الأدبية ما هو أجل وأفخم وأعود على القارئ وأنفع وبالجملة ما هو أولى بعناية البيان الذي رصد نفسه للأدب العربي وترقيته - فدفعاً لهذا الهاجس نقول - لو علم صاحب هذا الهاجس أن الروايات الأدبية - الأخلاقية والتاريخية والاجتماعية والشعرية - كالروايات التي ينشرها البيان هي آخر ما وصل إليه الأدب عند الغربيين وبعبارة أخرى هي الحلقة الأخيرة التي ارتقت إليها آدابهم حتى أن الأديب منهم لا يكون روائياً بالفعل أو بالقوة لا يؤبه به ولا يحفل أو بالحري لا يعد أديباً - ولو علم كذلك أن مثل هذه الروايات إنما وضعها واضعوها لغرض هو أنبل وأسمى مما