للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[رأيي في الزواج]

من أكبر معضلات الحياة التي لا يفتأ الناس يديرون فيها وجوه الرأي. ويتحدثون يها في الندى والسامر، والمجلس، والمسجد والسوق. مسألة الزواج. فهي اليوم مشغلة الإنسانية الحاضرة، وهي الموضوع المودة الذي لا يزال يحاول كل إنسان أن يصل إلى اختراع لون منه واكتشاف هيئة ظريفة له. ولا تنى الصحف تعادوه من الحين إلى الحين. ولا تزال الكتب تخرج عنه. وقد أدمجه الروائيون في قصصهم. واستخدمه فريق من السياسيين الاجتماعيين في التدليل على الاضطراب الاجتماعي الواقع اليوم في أكثر بلاد الحضارة.

إن الوظيفة الطبيعية الأولى للزواج. والغرض الغريزي منه. هو بلا ريب الاحتفاظ بالنوع. وبقاء الجنس. وعمران الدنيا. ولكن الأدب العصري يتنازع والعلم الحديث عند هذه اليقظة من البحث. ومذ اليوم الذي افتتح فيه الروائي هنريك اييسن. بروايته الكوميدية بيت العروسة المناقشة في مسائل الزواج. والكتاب جارون في الكلام عنه. والروائيون عاقدون عليه القصص. ومنشئون الفصول والأبواب. وقد تضافر الجميع على أن للرجال والنساء الحق أن يقيسوا الزواج بمقدار ما يجلب لهم ارتباطهم به من الهناء واللذة. وقد ذهب اييسن إلى أن الزوجة التي ترى زوجها لا يستطيع أن يقدر عواطفها من ناحية اللذة - ويشبع رغبتها في الهناء ينبغي لها أن تغلق الباب في وجه زوجها وأطفالها. وتحرر من هذا القيد الثقيل. وتخرج من هذا الغل اللعين - وتلتمس لها عيشاً من وراء أية صناعة. وقد عمد روئي اسكندناوي آخر من كبار روائي الإنسانية الحاضرة في الدفاع عن الزوج من هذه الوجهة نفسها فجعل يقول أن الزواج يعطل رقي المزايا الرجولية في الرجل وأن المرأة تستعبده وتستأثر به وتضطره إلى كثير من التضحيات في سبيل لذتها وهنائها ولا يزال الروائي العظيم برناردتشو يقول هبذا الرأي. وينحو في البحث هذا النحو. وقد أبدى كل ذلك في روايته المشهورة (الإنسان والبرمان) وقد اعترف الشاعر رديارد كبلنغ بإيثاره العزبة على الزواج إذ قال في شبيته الأولى. يم كان حدثاً غفلاً لم ينضج بعد (أشد السفر سرعة وإيفاضاً، المسافر وحده، غير متخذ رفيقاً).

فترى أيها القارئ أن امثال اييسن وسترندبرج وأولئك الطائفة التي تقول بهذه الآراء تراهم يمثلون الوجهة الأنانية من البحث. وقد لا يبعد أن يكون في ما يقولون نصيب ضئيل من الحق.