للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونحن قد نظن أننا إذا استطعنا أن ننشئ في المجتمع الإنساني الحاضر طائفة كبيرة من وسائل التحصين ومقاومة قوى الطبيعة الخشنة. قد تمكننا من الفرار من قوانبن الحياة، فنحن نميل عند النظر إلى الزواج إلى اعتبار الواجب الأول في الزواج. والقصد الأكبر منه سعادة الزوجين وهناؤهما الشخصي. ونحن لا ننكر أن الزواج الإنساني في أبدع أدواره. مصدر لذة نقية عظيمة ممتعة. ولكن الهناء أنما يأتي بطريقة غير مباشرة ولا ينبغي أن يكون هو الغرض الأول المباشر. لإننا إذا عددنا سعادة الزوجين بين الناس المقياس الأكبر لنجاح الزواج فكأنما وضعنا المركبة أمام الجواد. لا الجواد أما المركبة. وكأنما قد أغفلنا الغرض. ولم نعتد إلا بالواسطة. وإذا أخذنا بهذا المبدأ. فثمت خطر كبير. وبلاء أعظم. وهو وقوفنا في منتصف الطريق الذي أرادتنا الطبيعة على أن نسير فيه حتى نبلغ نهايته. وما كانت السعادة في الزواج إلا أشبه شيء بسياج من أشجار الورد ومختلفات الأزاهر قد امتد على طريق الحياة. ليرسل أنفاس الشذى العطر ويثير الأرج الندى. فيخفف من وعثاء السفر وشقة الطريق. ولكن لا ينبغي أن نضل الطريق ونقف عند كل زهرة فنقتطفها. وندفع إلى كل وردة زهية ننتزعها من شجرها. وليست السعادة في الزواج كذلك إلا أشبه بالجزاء الطيب الذي يناله العامل الحاذق على واجب شاق يؤديه وعمل مستصعب ينفذه، ولكن في سبيل بقاء النوع ينبغي أن نحتمل الآلام والمتاعب والنفقة في سبيل إيجاد الذراري. وإن لم نصب هذا الجزاء الذي لقيه العامل الكادح. لأن السعادة ليست أمراً ضرورياً. ولا شأناً في الحياة لازماً. وقد أثبت ذلك كثيرات من الأمهات الرؤوفات. إذ ربين أطفالهن فأحسن تربيتهن. على حين كانت معيشتهن الزوجية سيئة أليمة. ولم يكن اييسن وسترندبرج وأشياعهما على شيء من حسن النية إذ وضعوا للزواج قيوداً وحدوداً. فإن تلك المبادئ الكلبية إنما تقوم على حب اللذة. والرغبة عن واجبات عن واجبات الزوج. ولكنها على الرغم من ذلك قد أعانتنا على أن نرى هذه لمسألة الاجتماعية الكبرى بنور اليقين. ونستوضح بها الشبهات.

وإذا نحن نظرنا إلى الزواج في الإنسانية الحاضرة فلا يسعنا إلا الاعتراف بأن الزواج العصري مريض ضعيف لا نجاح منه ولاصلاح. فإن عدد الأنانيين من الشباب والمحبين أنفسهم من الفتية وأطفال الإنسانية الكبار الذين ينعمون بالعزوبة. ويرونها خيراً متاعاً من