للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحزاب الروسية]

التي خلقت الثورة والتي ناوأتها

من أعجب أحداث هذه الحرب الكبرى أن تتمخض في قطعة من الأرض عن ثورة أهلية لم تكن في حسبان أهلها من قبل، فتدول دولة حكومة مطلقة كان الذي يعيشون تحتها يظنون أنهم مذعنون إليها يد الدهر، وهذه الثورة ونعني بها النهضة الروسية لا تعد صالحة إلا إذا قام على أطلال الحكومة القيصرية الذاهبة صروح متينة شامخة من الرقي والتهذيب والإصلاح، لأن الثورات الأهلية لا يحكم عليها إلا بنتائجها، وعلينا أن نرتقب زمناً طويلاً للبناء، لأن البناء متراخي الزمن يعوره من المهلة والأناة والحيلة والدأب مالا يعوزه الهدم.

ونحن ننتهز هذه الفرصة فنبسط للقراء بياناً مجملاً عن الأحزاب التي تعمل للنهضة ليكون هذا معجماً للناس إذا مرت بهم أخبار روسيا في عرض الصحف، أو قرأوا عنها ما يروقهم في الكتب والمجلات.

حزب الكماريلّلا

هذا الاسم يطلق عادة على أهل المبادئ الرجعيين من الرجال والنساء الذين كانوا يحوطون القيصر وفيهم السياسيون، ومن بينهم القواد وفي غمارهم الكنيسيون والقساوسة، وفيهم النزاعون إلى ألمانيا وكانوا قبل إبان الثورة يعملون في الخفاء لإقامة صلح بين الدولتين وآخرون منهم مثل راسبوتين همهم إحراز السلطة والاغتناء وإفعام خزائنهم بالمال وجيوب أشياعهم والمحسوبين عليهم ولم تكن قرارات القيصر وأفعال القيصرة إلا رهينة تأثير هؤلاء القوم ولم يكن مستطيعاً أي أمر لا يرتضونه أن يصل إلى مسمع القيصر أو يقع على مرأى القيصرة.

حزب الثنوفنيق

هم عمال الحكومة القديمة الأصاغر - ولا سيما رجال الشرطة المنشورون في روسيا طولاً وعرضاً، وهم يتكاثرون عديداً ولما كانت رواتبهم ضئيلة استعانوا بالرشوة والأعطية ونهب الناس ولعل قسوتهم وغشهم وإرهاقهم وحيلهم هي العامل الأكبر الذي أساء سمعة الحكومة القيصرية عند الفلاحين وملايين الناس الذين أنقضت هذه القسوة ظهورهم ولذا كان أول الخطوات التي خطتها الحكومة الجديدة هي أن تحذف هذه الفئة حذفاً وتقضي على