للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الميت الحي]

سارة برنار وفرانسوا جوزيف

سارة برنار هي الممثلة الذائعة الصيت في كل نواحي الدنيا وأطرافها، قل ما تدانيها ممثلة في براعة التمثيل وحذقه وإتقان حركاته، بلغ من ولعها بصناعتها أن مكثت نحواً من عامين في أحد مستشفيات السل لكي تدرس طبائع المسلولين وأخلاقهم وعوارض علتهم، حتى تقوم بدور المسلولة في إحدى الروايات التمثيلية، وقد أملى عليها الحقد الوطني والغيرة الفرنسوية بضعة كلمات في فرانسوا جوزيف إمبراطور النمسا عدت من أبدع ما جاء من الأدب الفرنسي في هذه الأيام، وقد رأينا أن نقتطع منها قطعة صغيرة لنفاسة أسلوبها وغرابة موضوعها:

سارة برنار

لما قتلت زوجة الميت الحي في جنيف، ذلك البلد السويسري الجميل، لم ينزعج الشيخ، ولا راع المصاب فؤاده، بل أسرع رجال حاشيته فاحتلوا حجراتها في المنزل الذي قتلت فيه، وجعلوا هم وصحبهم ونداماهم يتعاطون الشراب، ويعاقرون الكؤوس، وقد امتلأت بهم الدار واختنق النزل وهم يصرخون ويطربون ماجنين مازحين.

وكنت نازلة بحجرة فوق حجرات الإمبراطورة، فلما سمعت صراخهم وضحكاتهم نزلت درج السلم أريد أن أكلم وصيفة من وصيفاتها، فلم ألبث غير قليل حتى أقبلت على أحداهن في بكاء ودموع.

قلت أليس فيكم رجل رشيد يبعث بالنبأ إلى الإمبراطور بوجوه أن يطلب إلى صاحب الفندق أن يطرد هؤلاء السكارى الماجنين على أن يجيزه جائزة طيبة، إن هذا المجون، وهذا الضحك، وتلك الدعامات لهي استخفف منكر لا أكاد أمسك على دموي من فظاعته.

فمدت إلى يدها ثم قالت وصوتها يتهدج من أثر النحيب أنت على حق في الذي تجدين، إن أحد ضباط الإمبراطورة قد طير النبأ إلى الإمبراطورة، ونحن للرد مرتقبون.

على أن فرنسوا الغني المتمول، المزهو العظيم، إمبراطور النمسا وملك المجر، رأى بعد طول ابحث أن عملاً كهذا قليل الجدوى طفيف الفائدة، وأنه كذلك كثير النفقات، عظيم الثمن، وكذلك ظلت جثة زوجته الناعمة الحسناء في صندوقها، عند النزل، تنتظر مقدم