للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسألة تحتاج إلى رأي الأزواج]

عندما يخرج إلى هذا الكوكب الأرضي مخلوق من مخلوقات الله، يخرج كاملاً له بعض المقدرة والاستعداد، فعلى قدر بدنه وذهنه يستطيع أن يؤدي نصيباً معيناً من العمل، وعلى قدر قوة شهوته للطعام، يستطيع هضم جزء نسبي من المآكل ومواد الغذاء، وعلى قدر استعداد عواطفه ومنازعه يستطيع التصرف في قسط محدود من الحب، فأما قوته على زيادة هذا القسط، ومكنته من تعدي هذه الحدود فأمر من الريب والشك والغموض بمكان عظيم، على أنه قد دلت التجاريب وأثبتت المشاهدات من ناحية الناس عامة، وأهل الحب كافة، أن الحب يجنح دائماً إلى الهبوط، ولا يميل أبداً على الصعود، وأكثر ما يأخذ في الخفوق والقلة، وقلما يسترسل في الزيادة والكثرة، ولا يزال اهتياج عاطفة من العواطف في قلب من القلوب، يقابله جزء نسبي من الحب قد انتزع منه في وجهة أخرى، وناحية غير تلك الناحية، كأنما قد خلقنا الله ووهبنا حساباً معيناً وضع لنا في مصرف الحب حتى لا نستطيع أن نتجاوز في السحب المبلغ المحدد لنا في بنك الحب! فإذا صح هذا - وهو المعقول - نهضت مسألة تحتاج إلى النظر والبحث، وهي تدور حول التوزيع الواجب الذي ينبغي أن نقسم على نسبة الحب بين أولئك الذين يطالبوننا بحق الحب ويتوقعون منا نصيباً منها، ومن هذه الناحية نرى كثيرين من الناس صغار الأذهان يظلمون ويجورون بعض أولئك الذين يخصونهم بالحب.

لما اهتدى كل من الفتى نوربرت والفتاة فيولا إلى السحر الحلال الذي أحدث كل في فؤاد صاحبه، واكتشف تحت أشعة القمر وظلال الزيزفون، فتنة الحبيب لحبيبه، وروعة الأليف لأليفه، تنفس كل منهما أنفاساً حرى مستطيلة، من عجب وحيرة، وراحا يتساءلان كيف أمكن أن يحب كل منهما الآخر كل ذلك الحب وقد ذعر نوربرت وأجفل، شأن جميع المحبين إذ يدهشون عند الشعور بأول بوادر الحب الصادق، ولم يكن من قبل يدري أن للحب هذا الطعم وللهوى كل تلك الحاسة والفتنة، وراح حيران مذهولاً يتساءل: ماذا حدث لي، رباه ما الذي جرى فلم يلبث أن همس إله الحب في أذنه هو الحب يا أحمق!!

فقال الفتى لنفسه وهو يتنفس بصعوبة ويكاد يختنق من دهشة وعجب: أحقاً هو الحب؟ يا إله السموات، من أين حاء هذا الحب كله؟ فأجابه صوت في أعماق نفسه: هي التي أيقظته، ولكنه كان قبلها موجوداً بجميع مادته في فؤادك! فمضى يقول لنفسه كذلك،. فإذا