دافيد هيوم أكبر فيلسوف إنكليزي في مباحث ما وراء الطبيعة وهو من فطاحل رجل الأب والتاريخ والاقتصاد السياسي عندهم. وهذا فصل من فصوله كتبه على أسلوب له يمزج فيه الحقيقة بالخيال ويورد الأفكار طي الفكاهات والدعابات. قال:
لا أعلم ما بال النساء وحدهن يغضبهن كل بحث يتناول التنديد بالزوجية أو يتنسم منه رائحة الدعوة إلى العزوبة كأنما يحسبن أنهن المعنيات دون الرجال بكل ما يقال في هذا الصدد وكأنما يحسبن أنهن المعنيات دون الرجال بكل ما يقال في هذا الصدد وكأنما يرين أن قسطهن من الخسارة يكون أكبر من قسط سواهن إذا جر ذلك التنديد إلى نتيجة المرقوبة، وهي التنفير من الزواج. أو لعلهن يدركن أن تلك المآخذ والنقائص التي ينعيها الكتاب على الزوجية إنما ترجع إلى عملهن وان أسبابها آتية من تلقائهن. فإذا صدق حدسي فما أجدرهن أن لا يضعن هذا السلاح الباتر في أيدي أخصامهن - وأعني بهم الرجال - أو يوجهن خواطرهم إلى هذه المظنة.
ولقد طالما حدثت نفسي أن أكتب فصلا في الزواج يلتئم عند بنات الجنس اللطيف مع تلك النزعة المأثورة عنهن فأعوزتني المواد وتعارضت الآراء وخرجت من التفكير وقد رأيتني إلى الهجاء أميل مني إلى الاطراء وقلت لنفسي إذا لم يكن بد من الثناء فلأذيلن تلك الأمدوحة بأهجوة وإلا فالسكوت أولى.
أما أن أشوه جمال الحقيقة أو أمس طلعتها الناصعة بدهان الدهان، فذلك مالا أظنهن يدعونني إليه أو يرقهن أن يسمعنه عني. ذلك على أنه ربما كان في قلب وجوه الأحوال من المناوأة لهن أكثر مما فيه من النفع والجدوى. ولا يفوتهن أن الحقيقة ينبغي أن تكون أحب إلي وأدنى إلى قلبي حتى من بنات حواء.
فأنا الساعة سأكون سفير أبناء جنسي لدى النساء، أفصح لهن عن أشد ما نشكوه من الزوجية والزوجات فإذا آنست منهن ميلاً إلى المفاوضة والاتفاق في هذه المسألة التي نعدها أم المسائل وكبرى ذرائع الخلاف فلا بأس نرجيء بقية الخلافات والتجنيات فتلك أمرها هين وخطبها متدارك.