الذي عقده كارليل للكلام عن كرومويل ونابوليون بونابرت
وقد تعرض هنا مسائل خطيرة ومباحث معضلة يمنعنا من طروقها ضيق المجال. وإنما نذكر كلمة شبيهة بكلمة (بيرك) حيث يقول (إسناد القضاء إلى نخبة من القضاة يشتركون في إصدار الأحكام هو روح الحكومة) فكذلك نقول نحن أن خلاصة أعمال المجتمع الإنساني سواء سارت على طريق الخطأ أم على منهج السداد هو الاهتداء إلى أعقل رجال بلدك وأفضلهم وأحزمهم ثم تقليده الحكومة والسلطة وإعطاؤه الخضوع والطاعة حتى يستطيع بذلك أن يهدي الناس حسبما يلهمه عقله ويوحي إليه فؤاده وإنما إلى ذلك قصدت البرلمانات وخطبها ولوائح الإصلاح والثورات فرنسية وغير فرنسية. اهتد إلى أعقل رجال بلدك وأكفئهم وأرفعه إلى المكان الأعلى وبجله وأكبره تحرز لبلادك خير حكومة. وإنك إن تفعل هذا فقد بلغت المدى وكل شيء بعد ذلك فضول ولغو. فإن أعقل الرجل هو أيضاً أكرمهم وأبرهم وأرحمهم. وليس فوق نصحه نصح. وقول الإمام امام القول. وكل ما يأمرنا به فهو ولا شك أحكم وأليق وأعلى ما نستطيع أن نجده تحت قبة الفلك. وهو ما يجب علينا أن نأتمره ونصدع به مع الحمد والشكر! وتلك الحكومة هي الضالة المنشودة والغاية القصوى.
أقول الغاية القصوى والله يعلم أن الغايات تبلغ بالأمل. ولا تنال بالفعل وللأماني جياد سابحات تسبق وفد الرياح يرسلها الفكر في مضمار الوهم فتطير بأجنحة الرجاء إلى كل غاية أبعد منالاً من الثريا فإذا طلبت تلك الغاية بافراس العمل في ميدان الحقائق قامت العقبات. واعترضت النوب والآفات وسقطت الجياد أثناء المضمار طلحاً أنضاء جسرى من الجهد والإعياء. دامية السنابك من الحفا مهزولة الأعطاف من الأين والوجى. وكذلك تبقى الغايات من طعمة المنى سخرة الواقع كالخيال في المرآة يبيح العين ما يمنع الكف.
أو كالسماء وكل ما زينت به ... وكبعدها وكقربها من لاق
وأنا وإن استحال علينا أن نبلغ الغايات. فحسبنا أن نأخذ في سمتها أو نقع منها على مسافة ترضي وتسر! ولا يفعل أحد من الناس ما نهى عنه الشاعر الألماني (شلر) إذ قال (المرء