للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[أكاذيب الحب]

مقال فكاهي طريف ترجمه من الانكليزية محمد السباعي

ما زال الحب مصدراً للخيال فهو لا يزال يولد حتى في أجهل الطبقات وأغلظها آلافاً من الهموم الوهمية والأمراض الشعرية (أعني الخيالية) فهو يطلق لسان الحوذي والبواب بما يماثل رقيق الغزل وحلو النسيب ويترك الجندي الغليظ سهل الجانب سلس المقادة، فترى أحط السوقة وأخشن العمال إذا أصابه الحب يدمي حشاه ويذوب صبابة وعليه من آيات الظرف والأدب ما هو من مستلزمات هذه العاطفة.

وهذا الذوبان النفساني الداخلي قد أحدث في اللغة لفظاً أصبح شائعاً في هذه الفئة الذائبة وأعني بهذا اللفظ ميت صبابة.

والروايات والقصص التي قوامها ومنشؤها هذه العاطفة مملوءة بهذه الميتات المجازية فترى الأبطال فيها والفرسان والغانيات والقيان كلهم في حالة النزع والاحتضار ومن ثم صار الشعراء يشبهن الجنس اللطيف بنوع الأفعى التي تسلط لحظها على الطائر حتى تقتله بسحر عينها، ولكن أبدع من هذا وأدق تشبيه الشاعر (كولي) المرأة الجميلة بالقنفذ الذي يرسل السهام (كناية عن أشواكه) من جميع أجزاء جسده.

ولقد بحثت في هذا الأمر فرأيت أن أحسن علاج لهذا المرض العام هو أن يتأمل العاشق حقيقة معشوقته التي هي مصدر الداء، فإذا رأى أنها قد تيمته بجمال صحيح وفضل صريح فليسترسل في حبه وإعجابه، أما إذا وجد أن سبب مصابه ومحنته هو سفاسف وسخافات من تصنعات امرأة متبرجة خداعة فلا عذر له في التمادي واللجاجة.

بهذه الفكرة استعرضت عدداً وافراً من رسائل الحب التي جاءتني من هؤلاء الأموات فكونت منها كشف إحصائية الوفيات الآتي الذي سأقدمه الآن للقارئ بلا مقدمة ولا تعليق خدمة له إذ قد بينت فيه مواضع الخطر ومظان الداء وأوضحت أفظع الأساليب والحيل التي تتخذها الحسان لسفك دماء الأبرياء والطائشين

المستر أ. قتل في السينا ماتوغراف في ٣ سبتمبر.

المستر ب. أصيب بطلق من بعض النوافذ فخر قتيلاً.

المستر ج - أصيب في دار الأوبرا بلحظ من عين زرقاء وكان المقصود رجلاً آخر فمات