للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[البيت والحياة المنزلية]

للكاتب أمرسن أكبر كتاب الأمريكان

لا شيء أظهر من كمال عناية الله بالطفل. والله الذي يصون بذرة النبات بغلافها الكثيف ووعائها المتين يقدر للنبات الآدمي صدر الأم وبيت الوالد. عجباً للضيف الطارق والوافد الجديد الطالع علينا من ثنايا الغيب ما أضحك هيئته. وأصغر جثته. مرحباً بالمجتهد الضعيف والمجاهد الضئيل القوى في ضعفه الجلد في وهنه الذى يلقاك بذراعين أسد علاجاً وأصعب مراساً من ذراعي جندي مقاتل. أو نابل مناضل. والذى يحول بين شفتيه من سحر الإغراء. وفتنة الجاذبية والاستهواء. ما لم يؤته المصقعان شاتام وبريكلير. أليس في دمعه الفياض ورنته الحزينة وانتحابه كأن وجهه حزن مذوب ولوعة سائلة وإنه ليرد أنفاسه ويسيغ شجاه. ويبلغ كمده ويجير أساه. ما يلين أغلظ فؤاد. ويذيب قلب الجماد؟ ألا تعجب للجبار الضئيل ما أخس ما يطلب وما أزهد ما يسأل حتى جميع الخلق مؤيدوه والناس كلهم في صفه؟ أما أن جهله لأحلى فى النفس وأشهى إلى القلب من علم العالم النحرير. وإن ما ثمه الصغيرة لأحسن من كل فضيلة ومكرمة. وجسمه من مادة الملائكة إذ كان روحاً كله وتراه طول اليوم ما بين هجعاته الأربع يهتف كأنه قفص الحمام ويهدر ويصفق بجناحيه ويرفرف ويلبس وجهه الجلال والعظمة. وإذا صام برهة رفع صوت بوقه إنذاراً. وإذا كان بالليل سرّه أشباح الظلال على الحائط وإذا كان بالنهار سرّه الأصفر والأحمر. وإذا حمل إلى خارج الدار بهره النور وكثرة المرئيات فصمت. وبعد ذلك يبدأ استعمال اليدين فيتعلم القوة - درس سائر بني جنسه فهو من قطع الصابون ومن الحجارة وفن قطع الخشب والخيط والورق اليابس يبنى كنسيته أو قصره أو هرمه وكأنه لفرط الجد والوقار نوح يصنع الفلك وإبراهيم يبني الكعبة. وقواعد الأصوات يكتشفها من مزماره وجرسه وودعه. والطفل الأمريكي اقتداء بآبائه لا يني ينقب عن أسهل طرق السفر والانتقال فتراه لا يبصر أحداً الأهمّ أن يركبه فليس من عنق ولا كتف ولا ظهر إلا أضحى له مهما عز صاحبه وعظم ربه مركباً رّيضاً ذلولاً. ومن ذا الذي يطبق عصيان ذلك الملك القادر أو يستطيع مقاومة ذاك الكاهن الساحر ولو شاء أن يركب الأسد الرئبال لذلله أو أعصم الجبال لاستنزله فما هو إلا يرغب حتى تري العمات والأعمام والخالات والأخوال