والجدات والأجداد على قدم وساق. ذلل الشكائم. خضع الأعناق. يذعنون له جميعاً وهو لا يذعن لإنسان. يركب عاتق البطل الكبير ويأخذ بناصية ذي التاج والصولجان.
قال ملتون الطفولة عنوان الرجولة كما أن الصباح عنوان النهار والطفل يذكرك بأيام الصغر فتحن إليها حتى تخال ذياك العهد قد عاد فتلمح شعاعاً من ذلك السنا اللماح وتشم عبقاً من ذاك الشذا الفياح.
وبينما الأبوان في عجب وأعجاب بفتنة هذا الوجه ولثغة هذا اللسان - بذاك المنظر الأبلج. والمنطق اللجلج. إذا بالطفل قد عاد - وما كادا يشعران غلاماً؟ ولله الحياة ما أعجبها فى عين الطفل وما أروع أثرها في نفسه يمسى ويصبح بين ملح بدائع، وآيات روائع: النار والنور والظلمة والقمر والكواكب وأثاث البيت واللعب والزخارف. والخدم تحميه وتصونه والمراضع تغذوه وتمونه، والأهل تحفه وترفه وتحسوه وترشفه، مدهشات كلها جلائل. ومحيرات هوائل، ولكن الملك الصغير يتقلب بينها وادعاً مسروراً ناعماً محبوراً، فلا يلبث أن يذللها فيمتلكها من حيث لا يشعر. يدب فيه العلم الجديد مع حياة هذا اليوم فيكون الوسيلة لإدراك علم الغد فالوردة الناضرة حادث جديد في حياته والبستان شرقاً بالورد هو جنة الخلد أعادها الله إلى آدم الصغير. والمطر والجليد والثلج آيات أطوار جديدة في عيشته. أي عيد عظم ذلك اليوم الذي فيه يدلى بذي النعلين الصغيرتين إلى متن الطريق المثلوج لأول مرة.
أي صباغ حاذق يستطيع أن ينفض من بدائع ألوان قلمه على الأشياء مثل تلك اللمعة التي تزين بها يد الله لعب الطفل وأمتعته؟ ما أظن شائقات المشاهد في كنيسة سانت بطرس لها في نفوسنا من الروعة مثلما للبلورة المضيئة أو الطيارة الشفافة أو مجموعة الصور التي كانت أول هدايا الوالدين وزخارف الدنيا. لشد ما والله يحن الفؤاد إلى هذه اللعب وتسيل النفس إلى تلك الألوان المشرقة. والأشكال المونقة، وشد ما يتشبث الخيال - الآن وقد شابت الذري. وخارت القوي - بأذيال تلك العهود وتعانق النفس في وهمها محاسن تلك اللعب وهاتيك البلورات والصور! أي لذات ومناعم تقصر اليوم للرجل الجديد وتملؤه رونقاً وبهاء! ما أقدم الشارع فى ظنه وما أقدس الناس! كذلك يكسو وخياله كل شيء جمالاً. ويلبس وهمه كل شيء جلالاً. ثم لا يدع ركناً مظلماً حتى يملأ بالجان والمردة - لله ذاك