للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الحرب]

بقلم شاعر

من أبدع ما عثرنا به من كتب الحرب كتاب جميل مؤثر الأسلوب وضعه حديثاً الشاعر الفرنسي الطائر الصيت بييرلوتي صديق الشرق، وصاحب الروايات المختلفة عن المرأة التركية وضفاف البوسفور، وهو مجموعة مذكرات كتبها في خلال الحرب، عندما سنحت الفرصة له، وصف فيها عدة من المناظر المفزعة، والمشاهد النكراء المبكية التي مر بها في سياحاته المتواصلة بين فرنسا والبلجيك، تحت مثار النقع، وعن كثب من ميادين الموت، وقد افتتح الكتاب بصورة الخطاب الذي بعث به إلى وزير البحرية الفرنسية عندما نشبت الحرب يستعفيه من دعوته إلى الصفوف، ويستقيله من إكراهه على العودة إلى الخدمة العسكرية، إذ كان بييرلوتي يحمل رتبة كبتن في البحرية الفرنسية، وهو كتاب رقيق، بل خطاب رجل شاعر أخلق به حمل القلم من امتشاق السيف، يكره الحرب لا جبانة منه وخوفاً، ولكن سموا عن سفك الدماء وتعففاً.

وإليك صورة الكتاب: -

روشفور في ١٨ أغسطس سنة ١٩١٤

من الكبتن جوفيود من احتياطي البحرية إلى وزير بحرية فرنسا

سيدي

عندما دعيت إلى الخدمة في بدء نشوب الحرب كنت أمنى النفس بأنني سأؤدي عملاً أكثر أهمية من هذا العمل الذي خصصت به في أحواض البحرية.

وثق يا سيدي أنني لا أريد بهذا لوماً وعتاباً لأنني أعلم أن على البحرية عملاً عظيماً في هذه الحرب وأن جميع رفاقي وإخواني في الرتبة التي أحملها، ضباط الرديف، سيظلون قعوداً حتى تواتيهم الفرصة للخدمة، وإنهم وا أسفاه سيرون مثلي نشاطهم مختزناً وقواهم محتبسة، وأرواحهم في عذاب.

ولكن دعني أذكر الاسم الآخر الذي أحمله، إن الإنسان العادي لا يعرف شيئاً كثيراً عن قوانين البحرية، إذن فلا تظن أنها ستعد أسوة سيئة في وطننا العزيز، حيث كل إنسان قائم بعمله أبدع القيام، مؤد واجبه على أحسن ما يكون من الأداء، أن لا يؤدي بييرلوتي عملاً