للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[روح الإسلام]

(لأكبر نصير للإسلام اليوم السيد أمير علي)

(الباب الثالث)

إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصائبين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

* * *

إن ما امتاز به الإسلام من سرعة الانتشار المدهش في أرجاء الأرض لمن أعجب ما رؤى في تاريخ الأديان، فأنا إذا تدبرنا أمر المسيحية وجدنا أنها لبثت حقباً بعد ظهورها وهي تكمن في المغامض والخفايا، وتختبئ في الأنفاق والزوايا. ولم يك إلا بعد ما تشربت في ذاتها مذاهب الوثنية وامتصتها واشتملت وبعد ما قام بأنهاضها ورفع شأنها ملك نصفه وثني ونصفه مسيحي - أقول لم يك إلا بعد هذا وذاك أن استطاعت المسيحية أن ترفع رأسها وتنال مركزها بين سائر أديان هذا العالم أما الإسلام فإنه لم يمضي على وفاة مؤسسه ثلاثون عاماً حتى كان قد أفضى إلى قلوب الملايين من سكان المعمورة وقبل مضي مائة عام كان صوت الأمين ابن الصحراء صلوات الله عليه قد دوى صداه في مشارق الأرض ومغاربها. وهذا وإن كتائب الفرس والروم وجحافل كسرى وقيصر الذين حاولوا أن يردوا طغيان هذا السيل الجارف ويصدوا طوفان تلك الديمقراطية الجديدة التي نِات في جزيرة العرب لقوا شر هزيمة على أيدي فيالق الأعراب وأعملت فيهم السنة والظبى حتى تمزقوا شذر مذر وطاحوا جباراً بيد أن ما أتيح للإسلام من هذا النجاح الباهر وما خص به من عجيب تأثيره في أذهان الرجال وعظم موقعه في نفوسهم قد كان باعثاً على مزعم فاسد وتهمة كاذبة ألا وهي أن الإسلام دين السيف قد قام بالسيف وزاج بالسيف، ونحن الآن باحثون في عوامل انتشار الإسلام وأسباب شيوعه لنرى هل لهذه التهمة أدنى نصيب من الصحة.

* * *

لما ورد النبي كانت قبيلتا الأوس والخزرج اللتان كانتا قد أقامتا منذ سنين عديدة في حرب عوان مستمرة طحون حُطَمة - وقد وضعنا السلاح عقب حلف كاذب وصلح مموه - إذ