للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[طريق السعادة]

عربها عن الإنكليزية احد الأفاضل

حرية الإرادة هي القوة التي تحكم العقل وتهيمن على النفس ولا يتأتى للإنسان الحصول على هذه القوة ما لم يكن له الإدراك الكافي. ولا يراد من ذلك أن يشتغل المرء بالمباحث النفسية العقيمة لأن الغاية من الحياة هي الوصول إلى السعادة وذلك يتم باستقصاء أحوال الطبيعة البشرية والوقوف على سيرة مشاهير العصور الخالية ذكوراً كانوا أم إناثاً وأول درس تلقنه لنا الحياة هو ضبط النفس لأنه مرقاة النجاح وسلم الظفر وبديهي أن غاية كل أمرٍ في الدنيا أن تتم له هذه الأمنية أمنية النجاح والتوفيق في الأعمال. وإذ عرف ذلك وجب علينا أن نبحث في المعنى المراد من النجاح المذكور.

إن النجاح كلمة نسبية لا مطلقة يعبر عنها قوم بالسعادة وآخرون بالقناعة وغيرهم بالمال. وغني عن البيان أن المال كان قوة لا يستهان بها وسيظل كذلك مادامت له اليد الطولى والقدح المعلى في إدارة دفة الأعمال. على أنه ينبغي لنا أن نضع نصب عيوننا أن النجاح في الحياة هو النجاح في الأعمال ولا يعكس فقد قال أحد الفلاسفة أن النجاح لا يستطيع أن يبتاع السعادة وغالى أحد فلاسفة اليونان الزاهدين فقال أن الإنسان قد يشتري الشقاء بالمال. فإذا أحظاك الجد وتوفر لديك المال وجب عليك أن تعرف كيف تستخدمه في قضاء حاجتك وذلك يتضي عقلاً راجحاً وفكراً مستنيراً إن في العقل صفة تؤهله للقبض على عنان القوة والنجاح وبغير هذه الصفة لا تكون الحياة شيئاً لما يتخللها من حبوط المساعي واليأس وبها يبسم الدهر عن ثغر ألمى وتسفر عروس الحياة عن طرف أحوى وتكون جميع العقبات والمصاعب بمنزلة منارات تدلنا على مقدار سيرنا في سبيل النجاح والسعادة بل هي حجر الحكمة الذي يحول كل ما يمسه ذهباً. هذه الصفة هي التفاؤل أي النظر إلى المستقبل بعين الرجاء والأمل بالخير وضدها التشاءم أو النظر إلى المستقبل بمنظار أسود يري الجو أقتم مكفهراً والحياة سوداء كالحة. والتفاؤل كحرية الإرادة هبة سماوية يمكن ازديادها بالتمرن والعمل وتعطيلها بالبطالة والكسل. ولا ريب في أن الغاية من خلق الإنسان هي التفاؤل لأن التشاؤم علة طارئة على العقل لا وجود لها في الطبيعة. فالمتفائل يرى السحب في جو السماء فيقول أن لكل سحابة نوراً أما المتشائم فإذا رأى السحب