للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمرسون في إنكلترا]

زار أمرسون أكبر كتاب الأمريكان إنكلترا وكتب عن زيارته رسالة وصف فيها البلاد وأهلها وصفاً وافياً شافياً ينم عن نظر ثاقب وبصيرة نافذة معلم غزير واطلاع واسع وقد أحب البيان أن لا يخلو من بعض فصول مبحث كهذا. ومازال البيان مولعاً بالإشراف الأبرع. كلفاً بالأطرف الأبدع.

كالعين منهومة بالحسن تتبعه ... والأنف يطلب أقصى منتهى الطيب

فلما صحت عزيمة البيان على ذلك ترجم تلك الرسالة وأظهر في هذا العدد أحد فصولها وهو هذا الذى بين يدى القارئ وسينشر سائر الفصول في أعداد قادمة وبالله التوفيق.

آداب الإنكليز وعاداتهم

لقد بحثت الإنكليزي فوجدته أثبت الناس قدماً. وأمضاهم عزماً. إذا هم مضى وإذا مضي لم يثنه دون الغاية عائق. ورأيت للقوم من فرط النشاط والحدة والذكاء مثل ما يمتدحون به جيادهم وأفراسهم. وقد وصف لى رجل منهم والى أيرلندة أول نزولى مدينة لفربول فقال اللورد كلارندون فيه سورة الديك وهو إذا نازل القرن صدق القتال حتى يفني هذا أول ما سمعته عن خلق الإنكليزى وهو كذلك آخر ما سمعته. ولعل رأس مفاخر الإنكليزي وهو الحدة والجرأة فهي بينة في الحوذى بينة في التاجر بينة في القسيس بينة في المرأة بينة في الجرائد حتي رأيتهم يقولون ليس فى إنكلترا طولها وعرضها ما هو أشد جرأة وأصدق حملة من صحيفة التيمس.

وقد قال سيدنى سميث وذكر الوزير اللورد جون راسل أنه لو شاء لقاد الأسطول من غده.

والإنكليز يريدونك على أن تصرح برأيك غير موارب ولا مراء ويمقتون كل المقت الجبان الهيابة الذي إذ سئل عن الشئ وقف فلم يقل لا ولا نعم.

ومتانة أخلاق الإنكليزي وشدة استبداده برأيه أظهر ما تكون في قلة اكتراثه الناس وعدم تطلعه إليهم حتى كأن أحدهم إزاء الآخر الصخرة الصماء. والدمنة الخرساء. وحتى ترى كل واحد يسير ويجلس ويأكل ويشرب ويلبس وينزع ويشير وينطق ويحدث الحدث ويلقاه. ويفعل الفعل ويتلقاه. غير ما ملتفت إلى الناس ولا حافل بالعالم إلا اجتنابه الدخول في شؤون الغير وتحاميه إيذاءهم. وما ذلك أنه قد مرن ودرب على احتقار الناس كلاً إنما هو