للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حديقة أبيقور]

لكاتب الروائي الفرنسي الكبير أناتول فرنس

مقتطفات من هذه الحديقة

في الصومعة

وجدت صديقيجان في الدير القديم الذي اتخذ من بوالي رسومه وعوافي أطلاله منزلا في العشر السنوات الأخيرة وقد تلقاني بالبشر الهادئ - بشر رجل ناسك - آثار الآمال البشرية ومخاوفها وساقني إلى حديقته الغير المنسقة حيث تعود أن يشعل غليونه ويدخن في كل صباح بين أشجار البرقوق المغشاة بالطحلب وجلسنا هناك على نقعد أمام مائدة واهنة مرتجفة لا تكاد تتماسك تحت حائط نتهدم قد علته الأزهار من ناضر ومصوح ننتظر طعام الإفطار وكان ضوء السماء الممطرة يرتعش من خلال أوراق أشجار الحور التي كانت يسمع لها همس ووسوسة من جانب الطريق وكانت سحب لؤلؤية تنجاب فوق رؤوسنا وكانت توحي إلى نفوسنا الحزن الناعم الرقيق ولكن الحزن الذي لا يبل من دائه.

مرت به الذكر على حالاته الماضية فسألني عن صحتي وأحوالي ثم بدأ يقول في صوت خفيض وجبين متغضنإني وأن كنت عادة لا أقرأ فإن جهلي ليس موقى من المعرفة فقد علمت وأنا في وحدتي هذه ونسكي الذي كنت تسخر به في أيامك السوالف م الصفحة الثانية من إحدى الجرائد السيارة بظهور نبي عاقل بليغ التعبير حسن الأداة إلى حد أنه يعلم أن العلم وإجهاد الذهن هما المنبع الثر الذي تتدفق منه كل الأحزان والآلام والأوجاع التي يلاقيها الإنسان. وهذا الرائي. إذا كنت لا أزال أذكر الصواب - ذهب إلى أنه من أجل أن نجعل الحياة بريئة ومحبوبة فكل ما نحتاج إليه هو أن نطرح التفكير وننبذ كل تحصيل العلوم وأمن السعادة الوحيدة في الدنيا لا توجد إلا في الرأفة والرحمة الغير السببية المتبادلة وأن الأوامر والنواهي العاقلة والحكم البوالغ التي عيبها الوحيد ونقصها الفذ هو أن مبدعها قد عبر عنها وكان ضعيفا إلى حد أن يضعها في أساليب بديعة ويصبها في قوالب محكمة بدون أن يراعي أن صدم الفن بالفن ودفع العقل بالعقل معناهما أننا نقضي على أنفسنا ونذهب ضحية لأجل أن يكسب العقل مفخرة أية مفخرة ولينال الفن محمدة أية محمدة وأنك يا صديقي الهرم لترى أني لم أقع في هذا التناقض الذي يبعث على الرحمة وإني قد