للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المقتطف مجلة مصرية للمصريين]

للمقتطف مكانة محترمة عند فريق كبير من قرائه ولأقواله قيمة خاصة لما يبدو عليها من دلائل الميل إلى التحقيق العلمي، لذلك كان عجيبا لدينا أن يصدر حكما قاطعا يتناول فيه أشرف وجوه الوطنية المصرية وبالتجريح ويردفه بأحكام أخرى تناقض ما اقتنع به المصريون بل وما اعترف به خصومهم الإنجليز، وهو يدلل على ذلك كله بعبارات سفسطية متفككة لم تسلم من التناقض ومنطق كمنطق العامة الذين لم يرق بهم التفكير إلى الوصول بين المقدمات والنتائج وتحقيق من وجوهها المتعددة.

ورد في مقتطف شهر أغسطس في باب المسائل سؤالان بل ثلاثة ذات صبغة سياسية وجهها سائلها إلى أصحاب المجلة. ولا نخطأ إذا قلنا إن هذه الأسئلة الثلاثة هي عماد ما تقوم عليه القضية المصرية وإن من جار في الحكم على واحد منها فقد طعن المصريين في أشرف جانب من جوانب وطنيتهم وكفاءتهم وكرامتهم.

كان سؤال السائل الأول (ما رأي المقتطف في السياسة الإنجليزية في مصر في الأربعين سنة الماضية هل أضرتها أم نفعتها) وكان السؤال الثاني (لمن ينسب فشل التعليم في هذا القطر وإتباع نظام الدراسة الحالي العقيم) والسؤال الثالث (إذا استقلت مصر استقلالا تاما أيمكنها أن تجاري اليابان في ارتقائها). ولقد كنا نود أن لا يخرج المقتطف عن دائرة علمياته اللا مرنة ليتورط في الإجابة عن هذه الأسئلة وأن يدع ذلك للمقطم الذي حذق سياسة الجانبين في هذه الأيام!!

وما قصدنا الآن أن نتولى الإجابة على هذه الأسئلة التي تشمل تاريخ مصر المحزن في الأربعين سنة الماضية. ولكن نريد أن نبين كيف شرح المقتطف كل هذا التاريخ في خمسين سطرا! وكيف قرر أحكاما تضعها بكلام العلماء المحققين بإضاعة ثقة كان يحاول أن يكسبها في نفوس قرائه! وسنعرض الآن نماذج من إجابته على هذه الأسئلة دون أن نحاول التعليق عليها كثيرا وإن كنا سنخص ببعض العناية مسألة فشل التعليم في مصر.

ـ ١ـ

أما السؤال الأول الخاص بما جنته مصر من نفع أو ضر من السياسة الإنجليزية في الأربعين سنة الماضية فيظهر أن أصحاب المقتطف عند إجابتهم عليه لم يفطنوا إلى تعبير