للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[ليالي الشباب]

هي قصيدة نثرية بليغة للشاعر الكاتب عبد الحليم حلمي المصري ضمنها كثيراً من المعاني الشعرية الرائقة، والفكر الفلسفية الجليلة المؤنقة، من كل ما يخفق له قلب الإنسان، وتصبو إليه أحرار الأذهان، في صفاء من اللغة واطراد من التعبير وجزالة من الأسلوب=قال حفظه الله.

أيها الشباب

بل أيتها الزهرة الذابلة في حديقة الأيام. والدمعة المسفوحة على جوانب الغرام، بل على ذلك الطلل الخالي، والأثر البالي، هذا هو الجسم الشاحب. وذلك هو العمر الذاهب.

أية جنة كنت يرتع منها المشوق في غفلة العيش وبله الحياة، بل أية كأس كنت يشربها الجامد فيسيل، والمعتدل فيميل، بل أية نضرة كست بها الطبيعة هذا الجلال المرسل والجمال اليتيم، وتوجت بها القدرة هذا الملك الذي هبط من الجنة يرفرف على رؤس لابسيك،

بل أيها الجواد المطلق في الميدان، بغير عنان كم ندم صاحبك. وذل راكبك، ولكن ما أصوب خطأك، وما أبلغ عثرتك، آه أيها السلطان القادر، والحاكم الجائر، يا عبوس المراحم، يا لذيذ المظالم،

كم غررت بفتى واطلعت عليه شمس الزهو من سماءك فتربع على عرش من نفسه قوائمه طالت على الأوهام وأركانه بنيت على الآثام، وبات يرسل النظر إلى هذا الكون نظرة الأسد أمام أكمته إلى مداب النمال. ويرى تمثاله في مرآة الشباب كأنه الهيكل المنيف قائم بقدميه على كتفي العالم، إذا مر به النسيم ليلاً ظنه من نفحات رضاه وإنه بعض أنفاسه العاطرات وإذا نفث القيظ شراره ظنه فحيح غضبه وإنه بعض أنفاسه المستعرات، يا مطية الغرور، ومسرح الشرور: كم ترقرقت قطرات الحسن في وجنات الملاح تحت أوراقك الوارفة الظلال، واشتبهت في مرآتك البنان بالشفاه في الحمرة والجمال، وتلألأت عنك أقمار الوجوه تحت ظلام الغدائر، وجاز فيك ابتسام العيون، في بكاء المحاجر، وهزت يمينك في القدود قواضب السيوف، وألقى حكمك حبال العشاق على غوارب الحتوف،

وكم عرضت الأيام على فتى صورك المزينة بالألوان المختلفة من روائع التقاسيم فلم تبق