للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إيطالية وطرابلس الغرب]

فذلكة تقويمهما وتاريخهما

ألم بهذه البلاد العربية الآمنة في سربها ما ألم من طمع إيطالية الأحمق وجشع الغول الأوربي الذي لانعرف له غاية ولا ندرك له نهاية اللهم إلا أن يأتي المشرقيون عامة والمسلمون منهم خاصة على الذماء الباقي من الفضيلة والكرم والحياء والإيثار (حب الغير) والمروءة والرحمة والدين ويستبدلوا بها اللؤم والقحة والأثرة (حب الذات) والقسوة والإلحاد (غفرانك اللهم) ويعدوا لتلك الأمم - التي تسمي نفسها كذباً على الله والناس أمم التمدين وما تمدينها إلا التوحش المنظم - مااستطاعوى من قوة ومن مدافع وأساطيل وطيارات (أبابيل) ويعلموا أن السياسة والدولة ليست إلا كما قال أبو تمام:

السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب

بيض الصفائح لا سود الصحائف في ... متونهن جلاء الشك والريب

استغفر الله بل يحتذوا حذو آبائهم الأولين الذين جمعوا إلى الفضيلة والدين عزة الجانب وقوة البأس والاعتصام بحبل القوة والعلم حتى خضعت هذه الدول المدلة علينا الآن بسلطانها إلى سلطانهم واغتذت بلبان معارفهم فيستعدوا مجدهم ويسترجعوا عزهم وسلطانهم ولا يبعد بعد ذلك أن تخفق أعلامهم في أجواء أوروبة كرة أخرى فإن هذا الدهر بالناس قلب.

إن دان يوماً لشخص ... ففي غد يتقلب

وقديماً وطئت أقدام العرب أرض أوروبة واستولوا على بلدانها أدهاراً طويلة وسادوهم وبهروهم بعلومهم واختراعاتهم حتى ذعروا منها وعدوها سحراً وحرم قساوستهم الانتفاع بها وكان ذلك في قصبة بلاد هذه الدولة الإيطالية التي استولى العرب على جانب عظيم من بلادها نيفاً ومائتي سنة وأنت تحت نير الأغاير مئات السنين ولم تتنسم ريح الاستقلال إلا بأخرة من سائر الأمم وجاءت اليوم ناسية أو متناسية فضل العرب عليها وانقضت كما ينقض الذئب الطاوي بغرة من فريسته على هذه الولايات العربية لتذيع فيه ما تذيع وتأتي على تلك الأخلاق الطاهرة والسجايا العربية الكريمة فإنا لله ولا حول ولا قوة إلا به. وليس من حق البيان ولا من (مبدئه) الآن أن يرخى عنان القلم في مثل هذا الشأن الذي قام به