للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الطبيعة ونواميسها]

مبحث في فلسفة الطبيعة وما ورائها للفاضل صاحب الإمضاء

الطبيعة هي القوة المتسلطة على جميع الكائنات وفي جملتها الإنسان ومصدر الحقائق الطبيعية هو الطبيعة ومصدر الطبيعة واجب الوجود.

والأشياء الطبيعية هي الموجودة في حال ليس للإنسان يد فيها - كالجو والغيوم وسيارات النظام الشمسي والبحر بصخوره والشواطئ الرملية والدلغانية والجبال والأدغال والنبات والحيوان والسمك والطيور.

أما الأشياء الصناعية فهي الطبيعة أصلاً. وإنما دخلت فيها يد الإنسان فركبتها أو جزأتها أو فرقتها - كالبيوت والأثاث والعربات والآلات فإنها تركبت أو تهيأت بصنع الإنسان.

على أن الأشياء الصناعية تدخل تحت حكم الطبيعة عند إطلاقها. مثال ذلك: كأس ملآنة ماء. فالكأس شيء صناعي أي أشياء طبيعية أصلاً قد استحضرت وسلطت عليها الحرارة حتى ذابت فأصبحت زجاجاً. وهذا الزجاج قد جعله الصناع على هيأة كأس. وأما الماء فهو شيء طبيعي جاء من نهر أو بركة أو نبع أو من الميازيب التي يجري فيها المطر النازل على السطوح. فالكأس والماء داخلان تحت كلمة الطبيعة وأحكامها.

والممكن للإنسان أن يغير هيئة بعض الموجودات وأن ينتفع بشيء من القوات الطبيعية ويتقي شيئاً من أضرارها. وغير مستطاع له أن يخلق شيئاً غير موجود فإن ذلك منوط بخالق الأشياء ومبدع طبائعها والإنسان نفسه هو جزء من الطبيعة أو الأشياء الطبيعية وله قوات طبيعية بها يغير بعض الأشياء التي يعرف قواتها وخصائصها فيجعلها صناعية لفائدة الإنسان. وينتج من ذلك أن مزاولة كل صناعة تستلزم معرفة بعض الأسباب الطبيعية ونتائجها. إذن فإتقان الصنائع وترقيتها يتوقفان على زيادة العلم بخصائص الأشياء وقواتها الطبيعية والوقوف على كيفية تحويلها لمنفعة الإنسان.

على أن الأشياء العظمى في الطبيعة وحلقات الأسباب والنتائج المتعلقة بها تجري على رغم إرادة البشر وقواتهم فلا سلطان لهم عليها - كشروق الشمس وغروبها واستهلال القمر وابتداره وامحاقه واختلاف الفصول وتعاقب الحر والبرد والمد والجزر وهبوب الرياح وثوران العواصف والبراكين وحدوث المطر والصحو والنوء والهدوء والتموج والرهو