للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[القصص والفكاهات]

رواية فوست

نقلها إلى العربية صالح بك حمدي حماد

(الفصل الأول)

غواية فوست

(المنظر الأول) في قصر فوست - تظهر غرفة معقودة على الطراز الغوثي القديم وفيها مكتبة وموائد عليها كتب وأدوات علمية وعدد من أنابيب وأواني وجمجمة إنسان والدكتور فوست جالس على كرسي أمام مكتبه لابساً رداء أسود وعلى رأسه قلنسوة سوداء وهو شيخ هرم ذو لحية بيضاء طويلة وأمامه مصباح ضئيل النور تظهر علامات الاهتمام والتفكير ثم يقول:

فوست - درست الفلسفة والشريعة والإلهيات والطب حتى برعت فيها كلها وصرت أعلم من تقله أرض ألمانيا ولكن ماذا أفادني كل ذلك غير التعب والنصب، أني لعمري أحمق أخرق أراني لم أستفد من ذلك فائدة ما ولم أسعد به وإن عظموني وسموني الأستاذ ولقبوني بالدكتور والحكيم إلى أمثال ذلك من الألقاب الضخمة والنعوت الطنانة الرنانة وما هي لعمرك إلا غرور وزهو باطل.

ثم ينهض فيتمشى في الغرفة جيئة وذهوباً وهو مضطرب قلق ويقول.

فوست - ولقد صار لي منذ عشر من السنوات من الشهرة الفائقة وبعد الصيت والنفوذ والسلطة على تلاميذي ومريدي ما جعلهم يطيعون أمري ويستنيمون لأقل إشاراتي فلم يدخلني من ذلك العجب وغرور أهل العلم قط والآن تولاني اليأس ونفذت سهام القنوط إلى فؤادي الذي ظل أمداً تملؤه المفاخر والمنازع الشريفة حتى أضحيت أغزر معارف وعلوماً من كثير من العلماء والأساتذة والكهان والرهبان وصرت لا أخاف الشيطان ولا أخشى دخول النار ولكني قد حرمت في مقابل ذلك مسرات الحياة ثم يضحك مستهزئاً ويقول:

فوست - أجل أنني قد حرمت مسرات الحياة وملذات البشر وبما أني قد اقتنعت اليوم بغرور ما أنا عليه وقلة جدواه فعلام إذاً أعلمه غيري هل يصيرون به أسعد حالاً مني. أني لا أملك درهماً واحداً وليس لي أقل نصيب من الشرف الدنيوي والجاه في العالم فما أتعس