للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مجموع المتون]

للعمرية والبكرية والعلويتين

لما نظم سعادة حافظ بك ابراهيم متن العمرية تكلفنا أن نكتب لقرائنا كلمة عن هذا المتن الذي جاء بدعاً في نظم المتون، وما كنا علم الله نظن يومئذ أن لهذا المتن ذيولاً وحواشي، وأنه سيحدث في الأدب إحداثاً تفتق في جوانبه، وتطفئ من كواكبه، حتى جاء عبد الحليم أفندي المصري ببكريته وجاء العرب بعلويته والشيخ القصري بما لا نعرف كيف يسمى، أعلوية، أم سفلية. . .

رأينا قراءة متن العمرية تميت النشاط وتخمل الرغبة في الأدب فلا ندري كيف انبعث القوم لتقليده كأنه لا ذوق لهم في الشعر ولا بصر لهم بفنونه وصناعته، ولو عرفوا لعرفوا أن الأحق بالشاعر الفحل أن يصلح غلطة حافظ ويكفر عن سيئته ويستن للأدب غير سنته فيقرض عمرية جديدة يدور لها الفلك وينقض تلك البنية الخربة المتهدمة ويرفع في مكانها صرحاً من الشعر العربي المتين يتراءى فيه الذوق والفن والقريحة أحسن ما تكون ثلاثتها في أثر من آثار البيان.

انحدرت بكرية المصري كما انحدرت عمرية حافظ بين الرايات والمقاعد وكان لكلتيهما حفل ومنبر ولكل من الرجلين قوم يعضدونه وينهضون بأمره ويدعون إليه ويلقون من شهرتهم على قصيدته فما كدنا نفهم من هذه الظاهرة الاجتماعية شيئاً لأن القصيدتين سواء حذوك مثلاً بمثل إلا أن في البكرية عامية وتهافتاً وهنات أخرى تسقط بها دون العمرية، ثم أرسل العرب علويته بلا طبل ولا زمر فكانت هذه فضيلة فيه لأنه أخلص النية ولم يحاول أن يسترهب الناس ويسحر على أعينهم بالأسماء والألقاب وقد نظم كما نظم صاحباه وتمت لنا ثلاثة متون.

ونحن فلا نشك في أن حافظاً والمصري والعرب يعدون من شعراء البلد والبلد متخلف في أشياء كثيرة فلعل لهم عذراً ونحن نلوم، ولعله ليس في الإمكان أبدع مما كان، ولعل نسق الشعر الذي نتخيله في مثل هذه السير التاريخية الكبرى مما يفوت طوقهم ولا يمكن أن يواتيهم بحال من الأحوال لقصور علمهم بوجوه الكلام وسياسته وقلة بضاعتهم من الأدب ولضعف ملكة التمييز في أكثر قومنا وانصراف كبرائنا عن الأدب وفنونه حتى ليس فيهم