للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[واجب المرء نحو نفسه]

وواجبه نحو الله

ما الغرض الذي ينتهي إليه الحق والواجب. وأين يستكن المطلب السامي البديع الذي كان حقاً علينا تحقيقه.

والبحث في أن العدل يتجاوز تلك الحدود الضيقة التي وضعناها، ويعدو على تلك الرسوم التي رسمناها وإن الإحسان في دائرة العدل وتحت سلطانه أمر يشق علينا أن نأتي به في كلمة أو كلمتين بل بحسبنا أن نقول أن الواجب هو العدل، وسنرى بعد أن لا غنى لنا عن عنصر آخر هو الحرية فإنه وإن كان الظلم شراً مستطيراً وأن لا خير إلا في العدل فإن من الشر ما يكون عدلاً.

وقبل الخوض في هذا البحث ينبغي لنا أن نشرح معنى ما يسمى بالواجبات الشخصية والواجبات الدينية، ولما كانت تلك الواجبات والحقوق علاقات بين الناس وروابط بين الأفراد كان صعباً علينا أن ندرك قولنا أن للمرء حقوقاً تخصه وواجبات تلزمه. ولما كان الواجب هو العدل والمساواة ركنه المكين وكانت المساواة في حق الله غير جائزة كان أشق علينا أن نفهم ما نعني بقولنا واجب المرء نحو الله.

إن الآداب كلها آداب اجتماعية وقبل أن تذهب بك بعيداً ينبغي لنا أن نبحث فيما إذا كان هناك آداب دينية وآداب شخصية والمعنى الجدير بكليهما.

الفصل الأول

[واجب المرء نحو نفسه]

هل لأنفسنا حق علينا؟

قالوا أن رجلاً اعتزل العالم وعاش في نجوة منه. في جزيرة مقفرة كما كان ربنسن كروزو، ملزم باحترام الإنسانية في شخصه ولكن هل يتصور العقل فرضهم أو يقبل منهم قولهم. فأين لإنسان بعيد عن الحياة الاجتماعي لا يدركها ولا تربطه بها رابطة ولا تجمعه بها آصرة أن يحترم الإنسانية ويوقرها.

ما كان ربنسن كروزو منقطع الأمل من الرجوع إلى الإنسانية والمعيشة بين قومه بل قد عاد إلى الناس وآب إليهم وكان لربنسن كلب وقط وببغاء والتقى في معتزله (بجمعة)