للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[روايات البيان]

مسألة محتاجة إلى بوكاسيو

لا أظن أنك تستطيع أن ترتضي لنفسك لقب الرجل العادل أو تنسب إلى نفسك الإنصاف إذا أنت اعتدت أن تهب الوليد الذي لا يزال يناهز العامين من العمر في كل ذات صباح، وفي العشي والأصائل، قطعة من الحلوىـ، ثم يدعوك الاقتصاد وينذرك نذير الحرب، ويطالبك مراقب لجنة المواد الغذائية أن تمنع عن ذلك الوليد تلك الحلوى، وتحرمه تلك الهدية، فتقطع عنه هذا الراتب، وتحول بينه وبين ما تعود فإن الطفل ولا ريب لن يدرك إذ ذاك حججك، أو يستمع إلى منطقك، أو يفهم السبب الذي من أجله أنكرت عليه هذه اللذة العذبة التي كان ينعم بها من قبل، بل أنه لا مراء فاتح يديه، باسط ذراعيه، معول في وجهك، مطالبك بالحلوى مستكثر منها، وسيهز قبضته في الهواء، ويعض أصابعه سخطاً متألماً، وينام على وجهه فوق الأرض وينطلق في بكاء مستطيل وصياح، على أنه لا يلبث أن يرى أن لا بجدوى من دموعه، على أنه لا يلبث أن يرى أن لا بجدوى من دموعه، على أنه لا يلبث أن يرى أن لا بجدوى من دموعه، على أنه لا يلبث أن يرى أن لا بجدوى من دموعه، على أنه لا يلبث أن يرى أن لا بجدوى من دموعه ولا نفع من عبراته، فيحتال الحيل، ويريد المخلص وربما اعتزل في مكان قصي واستبدل الذي شر بالذي هو خير، واستعاض عن أكله قطعة الحلوى بقطعة من الفحم.

إن حرباً قلبت الدنيا رأساً على عقب كحربنا هذه لا يكون منها ولا ريب إلا أن تحدث أحداثاً في نظرنا للحياة، وتغير الآداب وتدخل أموراً وعبراً في الخلق والاجتماع.

ومن الصعب أن نتوقع من أبناء آدم أن يتخلوا دفعة واحدة عن طلابهم السعادة ويقفوا عن نشدان الهناء، إذ ينهض في الأفق صوت الطبلة الأولى الداعية إلى السلاح المنادية القوم إلى الأمة والتجالة على ميدان الحياة، على أن سواد الناس مع ذلك استطاعوا أن يحتالوا لذلك حيلهم. ويتخلوا عن سعيهم، وقد حبست السعادة اليوم بعد أن طبقت كالثياب في الدواليب، وأغلق عليها بالقفل، واستعاض عنها الملايين من الناس تلك الأثواب الرهيبة الأليمة - أثواب الأسى والحداد - وبذلك قام السواد الأعظم من الناس بالمستحيل، والأمر الذي لم يكن في الحسبان، إذ صبروا على فقدان السعادة وجلدوا على تبدد العناء،