للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذكرات شبلي شميل]

الدكتور شبلي شميل معروف مشهور لإخفاء به، وهل يخفى القمر؟ والدكتور - وليس يدافع في ذلك اثنان - ذو عقل كبير جبار كعقول الفلاسفة، وذو قلب سليم طاهر كقلوب الأطفال. لذلك نحبه جداً ونحترمه جداً. والدكتور خليق منا نحن الناطقين بالضاد بالحب والإحترام، وأن ننافس به الغربيين رافعين أصواتنا إذا كان عندكم معشر الغربيين أمثال هيكلوولس ودارون فعندنا شبلي شميل، وليس ينقصنا أن يكون عندنا أمثاله ولكن ينقصنا فقط أن جمهورنا ليس كجمهورهم في تقدير النوابغ والعبقريين.

والدكتور وان كنا نحبه ونحترمه كما أسلفنا بيد أنا لا نتفق وإياه في كثير من أرائه الدينية وبعض آرائه الأخرى وهذا لا ينافي حبنا احترامنا وأن ننتفع بعمله وأدبه وبكل ما يفيض علينا عقله وتجاربه وملاحظاته - ونحن نقدم اليوم إلى قرائنا مما لم ينشره الدكتور مذكراته التي رأيناها كالمرآة يرى فيها الناظر تاريخ مصر ونهضتها العلمية والأدبية والسياسية والإجتماعية منذ منتصف القرن الماضي إلى اليوم مما لا يكاد يظفر بمثله في كتاب أو مجلة، ذلك إلى كثير من تعليقات الدكتور التي لا نغالي إذا قلنا أنها جماع فلسفته وآرائه وسننشرها تباعاً في البيان إن شاء الله.

اليوم الأول

حتى سنة ١٨٧٥ وهي السنة التي اتخذت فيها مصر موطناً لي بعد تخرجي من المدرسة الكلية في بيروت ورجوعي من فرنسا لم يكن في كل القطر المصري جريدة عربية عمومية سوى جريدة أسبوعية اسمها (الإسكندرية) لمنشئها سليم حموي وكان مركزها مدينة الإسكندرية. وهي التي انتقلت بعد ذلك إلى القاهرة وتحول اسمها إلى (الفلاح) ثم ماتت. فسليم حموي شيخ الصحافة العربية في القطر المصري لو برَّ الصحافيون.

وفي هذه السنة قدم إلى مصر سليم تقلا وأخوه بشارة تقلا من كفرشيما من أعمال لبنان وأنشأ جريدة الأهرام في الإسكندرية أسبوعية أولاً ثم يومية ثم انتقلت إلى القاهرة ولا تزال حية حتى اليوم. ولقد أظهرا من الثبات وحسن الإدارة وصادفا من المساعدة ما سهل لهما النجاح وحبب للآخرين الإقتداء بهما.

وفي هذه السنة عينها قد الإسكندرية أديب إسحق وسليم نقاش من مدينة بيروت وفي