للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب تدبير المنزل]

طلب إلينا كثير من قرائنا الغيورين أن نفتح هذا الباب في البيان - وأن ننشر فيه الإرشادات النافعة والأمثلة العليا الصالحة لملكات البيوت والأسر السيدات في ضروب تربية الطفل - وتدبير الصحة والمنزل وما إلى ذلك.

كيف يربى الطفل

وقد رأينا أن ننشر اليوم خلاصة ما ذهب إليه علماء الدنيا السابقون واللاحقون من المبادئ التي نصحوا للإنسانية بضرورة إنفاذها في أكبر علوم الاجتماع، ونعني به التربية لتكون الفصول التي نعقدها هي جماع الطرائق الطلية ولب النظريات التي لا تحصى ولا تعد في فن التربية.

(١) - التربية ينبغي أن تبتدئ منذ ساعة الميلاد: لو أننا استطعنا أن تحدث جميع التطورات والتغيرات الاجتماعية التي تصبو إليها نفوسنا وأتعب المصلحون وطلاب الأمثلة العليا أنفسهم في سوق الناس إلى الدنو منها، لما عتمنا إذ ذاك أن نخيب في غرضنا، ولعجزنا عن مواتاة هذا التغيير والإصلاح ولانتكسنا نكسة مكروهة وعدنا رجعة سريعة رهيبة، وذلك أن الناس ليسو متساوين أعدالاً من ناحية المطالب الكمالية ولا تلبث الأخلاق والعادات والظروف المحيطة بالأفراد والمنازع النفسية أن تحل ما أنجزنا بالوسائل الآلية، وتفسد علينا ما فعلنا من التغيير الاجتماعي، فإن التربية المهملة في المبدأ لا يستطيع أحد إصلاحها من جميع وجوهها أو علاجها من جميع عللها، وكثيراً ما تؤدي المساعي التي نبذلها في تقويم اعوجاج الكبار وإصلاح نفوس الشبان إلى نتائج متباينة وغايات متباعدة غير متشابهة وهذا المبدأ ينطبق على جميع ما نشاهده من التجاريب فالفرد الذي تهدمت صحته منذ صغره لا يفتأ يعاني نتائج ذلك كوال حياته، ومهما احتاط لنفسه، واجتهد في العناية بصحته، وقد يعنى أكبر العناية بالإفراط في النظافة والتماس الهواء الطلق السليم للنقي، واختيار الطعام الطيب السريع الهضم واتخاذ الرياضات البدنية الصالحة ثم لا يزال يرى نفسه مع أولئك ضعيفاً مريضاً ضاوياً مهزولاً على أنك تجد الرجل القوي الجثمان الصحيح البدن قد يتمادى في إهمال نفسه، وإطراح العناية بصحته، ولا يكترث البتة بقوانين الصحة، ويضحك منها ساخراً، وينظر إلى العاملين على