للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستمساك بأهدابها هازئاً ضاحكاً ثم لا نراه مريضاً ولا تلفيه يشكو من صحة أو علة أصابته، اللهم في أندر النادر، ومن ذلك تعلم أن بذل الجهد في العناية بأنفسنا، بلا مبدأ ولا احتفال من الصغر لا يفيد فتيلاً ولا يرد مرداً، وهذا يبعثنا على الاعتقاد بأن الأخلاق تجري هذا المجرى، وتصح عليها هذه الطريقة وهي تتبع السنن التي تنطبق على الطبيعة الإنسانية ومن هذا يتبين لك أن لا بد من البدء بتربية خلق الإنسان وشخصيته من ساعة الميلاد.

(٢) - التربية ينبغي أن تسير على نظام معين، فإذا كانت الطبيعة قد هيأت لك وأغنت عنك أمر التطور الطبيعي لطفلك ونمائه الجثماني فقد تركت لك أن تنفذ مقاصدك ومبادئك التي تريد أن يشب عليها طفلك في كل مرحلة من مراحل هذا النماء فعليك أن تكون عليماً بالغرض الذي تريده والوسائل التي تستخدمها في تنفيذ هذا الغرض، فإن أي إنسان أوتي شيئاً من العقل والملاحظة يدرك أن التربية التي لا تجري على نظام، ولا تمشي على شيء معروف لا تحدث إلا اليأس، ولا تنشيء نتيجة طيبة، ولا تجدي أيما جدوى، ومثل ذلك كمثل رجل مصاب بزكام حاد وجعل يأخذ أدوية كثيرة ويحاول علاجاً كثير الألوان ثم يعجب لماذا لم ير للزمام دليلاً على أن سيهم بالرحيل عن أنفه والاختفاء عنه فمهما كانت نظريتك في التربية على جانب عظيم من الحسن والسداد والرجاحة فلا عون لك على الاستفادة منها إلا العناية الشديدة بإنفاذها واستخدام الذكاء واللباقة في اتخاذها، وغلا كانت النظرية الطيبة والنظرية الفاسدة المجنونة سيان من ناحية النتيجة، أما السآمة والضجر والقلق التي يعانيها المربي من جراء اتخاذه طريقة منظمة في تربية أطفاله فهي لا تكاد تذكر بجانب المتاعب التي يعانيها سواه من جراء إهماله إيجاد تربية على نظام معين فإن الأطفال مثلاً قد يصرخون ويصيحون طلباً لشيء من الأشياء أو طمعاً في قطعة من الحلوى أو ما أشبه ذلك، فلا يلبث الآباء أن يبرموا بصراخهم وينزعجوا من صياحهم فينزلوا لهم عن مطالبهم، فلا يؤدي هذا إلا إلى أن الأطفال يعتادون اتخاذ الصياح والبكاء الواسطة الكبرى لغاياتهم ومقاصدهم، ومن هذا كان كثيرون من الآباء بانقيادهم إلى أطفالهم وإذعانهم إلى صياح ولدانهم طلباً للراحة، وإبعاداً للانزعاج لا يصيبون من إذعانهم هذا إلا الألم والاضطراب العصبي ويجد الطفل نفسه أقل سعادة ورضا، إذ يفتقد المرشد والهادئ