للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[روح الإسلام]

الفصل الثاني

بقية هذا الفصل

الحياة الدنيا في نظر الإسلام هي البذرة التي تخرج منها الحياة الآخرة. والمبدأ الأساسي للإسلام هو السعي والعمل لمصلحة النوع البشري في تواضع وخضوع وخشوع وبذل الجهد للاقتراب من درجة كمال الذات الإلهية الكاملة. والمسلم الصادق هو كذلك مسيحي صادق من حيث قبوله رسالة عيسى واجتهاده في تنفيذ وصاياه وتعاليمه فلما لا نرى المسيحي الصادق يكرم الواعظ والمعلم (أعني محمداً) الذي نقح وهذب ما وضعه الأساتذة الأولون. أو لم يجد المعلم قوى العالم مبددة مشردة فألف شتاتها ولم شعثها وردها جميعاً إلى منهج الرقي وسبل التقدم؟.

ونحن إذا استثنينا فكرة بنوة المسيح لم نجد فرقاً أساسياً بين الإسلام والنصرانية فهما في جوهرهما واحد - كلاهما نتيجة عوامل روحانية واحدة ذات فاعلية وتأثير في الحياة الإنسانية فكان أحدهما (الدين المسيحي) اعتراضاً على ما كان يدين به اليهود والرومان من مذهب المادية التي لا قلب لها، المجردة من الوجدان والشعور والعاطفة وكان الثاني (الإسلام) ثورة ضد ما كان يدين به العرب من الوثنية المزرية بالعزة والكرامة وضد عاداتهم وتقاليدهم الوحشية الفظيعة. وقد كانت الأمة التي نشر بينها الدين المسيحي وضد عاداتهم وتقاليدهم الوحشية الفظيعة. وقد كانت الأمة التي نشر بينها الدين المسيحي خاضعة لحكومة منظمة، وكانت أمثر مدنية استقراراً من الأمة التي نشر بينها الإسلام ومن ثم كانت الشرور والآفات التي قاومتها المسيحية أخف وأهون من التي قاومها الإسلام - الذي ألقى على شعوب متحاربة وقبائل متضاربة فاضطر إلى مكافحة المصالح الشخصية والخرافات العتيقة. ولا يخفى أن المسيحية في بدء انتشارها اتجهت نحو المشرق ولكنها لم تلبث أن صادفت في تلك السبيل عقبة في شخص رجل غزير العلم غريب الأخلاق والصفات إسرائيلي المحتد لكنه يوناني اسكندري من حيث التربية والمبادئ فقام هذا الرجل ينقل المسيحية إلى إغريقيى (اليونان) ورومة - وهناك استحوذت المسيحية على حضارة وثنية القرون العديدة السالفة ثم أخرجت للعالم أفكاراً جديدة وعقائد مستحدثة. ومنذ تنقلت