للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[روح الإسلام]

الفصل الثاني

أصول هذا الدين الحنيف وآدابه

لكي يكون لهذا الدين روح ثابتة محفوظة باقية وضع محمد لمبادئه وتعاليمه بضعة أركان وفرائض أهمها ما يأتي (١) الصلاة، (٢) الصيام. (٣) الزكاة ورابعتها الحج.

إن إيمان الإنسان بالقوة العالية التي تحيط بكل شيء وعجزه في معركة الكون وتقديره بركة الله ورحمته، كل أولئك تجعله يصب مشاعر نفسه والإحساس المستفيض في حبة قلبه. من ألفاظ وكلم من الشكر والقنوت والحب أو الندامة والإنابة والضراعة والابتهال لربه الرحمن الرحيم وليست الصلاة إلا لغة العواطف التي تملأ شغاف القلب الإنساني على أن هذه العواطف لا تزال ترجع إلى تهذيب عظيم. فإن المتوحش الهمجي إذا لم يجد مجيباً لضراعته، محققاً لابتهالاته لا يلبث أن يعمد إلى تأديب معبوده والانتقام من الرب الذي اتخذه لنفسه وضربه بالسياط. ولكن كل نظام ديني وعقيدة منظمة مهذبة لا تزال تعترف بفضل الصلوات. وإن كان يغلب على الكثير منها روح الخرافة والشعوذة ويضعف فيها المظهر الروحاني الخلقي، ثم تجد بعض الأديان خلواً من العنصر الروحاني بتة.

فقد كان المجوس والصابئة يعيشون متوفرين على الصلوات مخلدين إلى العبادات وكان المجوسي يصلي ويدعو الله إذا عطس وإذا قلم أظافره أو قص شعر رأسه أو هيأ الخوان. أو أعد مائدة الطعام ليل نهار. وعند إشعال المصباح أو المشكاة ولئن كانت الفكرة الروحانية تجري في قلوب القليلين منهم. فلم يكن لها أثر ما في أذهان العامة وسواد القوم. وقد كان للمجوس صيغتان من العبادة صيغة مقصورة على الطبقات الكبيرة من رجال الدين وأخرى لا يشترك فيها إلا العوام وحثالة الناس.

ولم تشتمل الشريعة الموسوية على قوانين خاصة بالصلاة، ولم تنص إلا على أنه عند دفع العشور للقساوسة وتقديم المواليد والأطفال الصغار إلى البركة تؤدى صيغة من صيغ الصلوات إذ كان الوالد أو رب العشيرة يسأل يهوذا أو إسرائيل البركة. ولكن بفضل نشر فكرة أكثر روحانية عن الله بين اليهود وأقطابهم وأساتذتهم لم يلبث اليهود أن أدركوا المعنى الجوهري للصلاة من أنها نجوى بين الله والناس، وكان من فضل الزمن والطقوس