للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[محاوره بين الطبيعة وإحدى النفوس]

للشاعر الإيطالي الخالد ليوباردي

الطبيعة: اذهبي الآن يا ابنتي المحبوبة إلى الحياة وكوني عظيمة بائسة

النفس: ألم تقدري التعاسة والشقاء

الطبيعة: لأني جعلت العظمة من نصيبك ولا يمكن أن تكوني عظيمة دون أن تكوني شقية، ومما يزيد الأمر تعقيداً أو إشكالاً أنه قد قضى عليك بأن تسكني جسماً بشرياً وكل البشر بالضرورة في الشقاء من ساعة يولدون.

النفس: وبدلاً من أن يكون ذلك كذلك أما كان الأفضل في الرأي والأرجح في العقل أن تحتاطي وتهيئ لهم وسائل السعادة وأسباب الرفاهة وإذا كان ذلك من وراء قوتك فإنه كان يحمل بك أن تكفي عن وضعهم في الدنيا.

الطبيعة: كلا الطريقين ليس في قدرتي لأني أنا نفسي عبدة الأقدار التي سيرت الأمور وأدارت الأحوال على خلاف ذلك ومهما كانت العلة في ذلك فإنه ليس في وسعك ولا في وسعي أن نسبر غورها ونستكشف دخائلها والآن وقد عرفت انك خلقت وقدر عليك أن تحتلي جسماً بشرياً فإنه ليس بي ولا بأي مخلوق آخر من راسخ القوة وصادق القدرة ما نستطيع أن نرد به عنك عوادي الشقاء وطوائح المحن وفوق ذلك فإنه بسبب نلك وسبقك وتبريزك سيكون نصيبك من الشقاء أكبر من نصيب غيرك.

النفس: لحداثة مجيئي إلى الأرض فإن أمامي أشياء كثيرة لاحفظها ومن أجل ذلك لا أستطيع أن أفهمك الآن كل الفهم وكلن اخبريني هل الشرف الشقاء المتزايد هما واحد في المادة والعنصر وإذا لم تكونا كذلك أليس في وسعك أن تفرقي بينهما.

الطبيعة: في أحوال أفنسان والحقيقة إلى حد خاص في سائر صنوف الحيوانات يمكننا أن نقول بأن هذين الشيئين - النبل والشقاء_هما في التجربة والواقع شيء واحد لأنه كلما سمت المواهب وحفلت القرائح وأرهفت الخواطر سهل إدراك أحوال الحياة وشوؤنها ووضح الشقاء المرتبط بالوجود وبذلك يضير ذلك الشقاء نفسه واضحاً مجسماً وفي الوقت نفسه فإن تلك الحدة في الإدراك تقضي إلى توسيع نطاق حب النفس ونزيد التوقان إلى ظل السعادة الرطيب ونواحيه المصقولة المخضلة ذلك التوقان الذي ينتهي باضرام الأسف