وإيقاظ الألم في نفوسنا لعجزنا عن إدراكها ولعدم تحملنا مثالب الحياة وشرورها التي لا تدفع ولا مرد لها وكل ذلك قد أركز من الأولية والبدء في تركيب الأشياء المخلوقة الأبدي الذي من فوق قوتي تعديله وتبديله. ط
، اكثر من ذلك فإن مضاء عقلك باقترانه إلى خيالك المتوثب يقلصان من ظل سلطتك على عواطفك، وأن الحيوانات الوضيعة إنما تستعمل مواهبها وقواتها إلى الوصول إلى الغايات التي تجعلها نصب عيونها ولكن الإنسان يترك ملكاته طليقة مرخية العنان وقوته العملية بقدر ما معطلة مشلولة بتأثير الفكر والخيال اللذين يحشدان على تفكيره الشكوك الكثيرة ويقيمان عقبات عدة في سبيل تنفيذ مقاصدهم وبلوغ مآربهم وإن أقلهم مقدرة في رنة الأفكار وتحليل الأغراض وأبعدهم من الانكاب على هذه العادة هم الأكثر مضاء في عزائمهم والأكثر توجهاً إلى أغراضهم ومطالبهم بينما الأفراد نظراؤك النازعون في التفكير في نفوسهم والذين قوتهم معرقلة موقوفة بسبب ضخامتها هم في الغالب عاجزون عن إدراك الغايات العملية مقصرون عن شأوها وهم هدف لتكسر العزم وتضعضعه سواء في الفكر أو في العمل وهذا من أبلغ أسباب فشلهم وخيبتهم.
زد على ذلك أنه لسمو مداركك يسهل لديك أن تبزي رفقاءك في عمق المعرفة وفسحة الخطوة في العلم وأن تفهمي ما تجسر دونه افهامهم وتكل عن إدراكه أفكارهم ولكن على رغم كل ذلك فإنك ستجدين أنه من الصعب المستحيل عليك أن تخرجي إلى ميدان العمل أشياء كثيرة ضئيلة في المظهر قميئة في الصورة ولكنها أشد لوازم شؤون الحياة وفي الوقت نفسه ترين هذه الأشياء نفسها وقد أتقنتها بغير عناء وإجهاد قوم أقل منك في مراتب العقل والملكات إن لم يكن في أخلاقهم ما يبعث على الاحتقار ولازدراء وهذه العوائق والعثرات وأمثالها تحدق بالارواح الكبيرة وتول بينها وبين النجاح وجزاء هذه الأرواح على تحمل كل هذه النكبات والدروس القاسية هو الشهرة الواسعة والاشادة بالذكر وما تناله من لشرف لعظمتها وبقاء ذكرها مخلد الرونق دائم الريعان.
النفس: ولكن من الذي يصوغ لي عقود الثناء ويكيل لي التمداح ويخلع على حلل الشرف الذي تتحدثين وهل كل ذلك سيأتي إلي من السماوات العلى أو منك أو ممن؟
الطبيعة: سيقوم بذلك البشر إذ لا أحد غيرهم يستطيعه.