للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مشاهدات وخواطر]

تسعة أشهر بمستشفى الهلال الأحمر البحري الباخرة بحر أحمر

بين الجرحى والمرضى والمهاجرين

بقلم سعادة العالم الدكتور محجوب ثابت بك المدرس الثاني لعلمي الأمراض والبكتريولوجيا بمدرسة الطب ومستشفى القصر العيني سابقاً والخبير في الأعمال الطبية أمام محكمة الاستئناف الأهلية العليا.

وَمَن لَم يَذُد عن حوضِه بسلاَحِه ... يُهَدَّم وَمَن لاَ يَظلِم النَّاس يُظلَم

تلكم حقيقة نطق بها ذلكم الشاعر الجاهلي الكبير زهير بن أبي سلمى المازني منذ مئات السنين، يثبت فيها أن الاعتداء طبيعة ثابتة في التكوين الحيواني يقضي بها ناموس الاحتفاظ بالبقاء، كما شرح ذلك العالم البيولوجي شارلس داروين في نظريته المشهورة أي ناموس الاقتتال للحياة أو ناموس تنازع البقاء. وقد أعان على هذا الناموس مختلف الآلات الحادة والأسلحة القاطعة التي اكتشفت في دفين الأرض منذ آلاف السنين. سواء كان ذلك في العصر المعروف بعصر الحجر أو بعصر النحاس أو البرنز أو الحديد مما هو مدون في أسفار علمي الجيولوجيا الطبقات الأرضية والباليونتولوجيا المتحجرات النباتية والحيوانية (أي علم الهَلك) وكأنما كتب عليها بقلم الزمان، أي التعدي على الضعيف ومحاربة الكفؤ للكفؤ، وقتال القرن للقرن، طبيعة ثابتة في الإنسان.

وقد أثبتت ذلك أيضاً الكتب السماوية بما هو معروف من قتل قابيل هابيل، فكأنما ولدا جد البشر قدسنا جريمة القتل وعلما منازعة الأقران للأقران وعصيا ربهما كما فعل من قبل أبوهما.

قال في ذلك جل شأنه وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين، فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضُكم لبعض عدوٌّ ولكم في الأرض مستَقَر ومتاع إلى حين

مما ضمنه شاعر المعرة وفيلسوف الإسلام في بيته المشهور:

أبوكم آدم سنَّ المعاصي ... وعلمكم مفارقة الجنان

قامت الحروب من قديم الزمان بين مختلف الأمم والأجناس وأهل الأديان المتباينة، ولتجدن