للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مطالعات]

شعر الملوك

لكثير من الملوك والأمراء والأشراف ومن إليهم من ذوي الرآسة والسلطان شعر مختار ينماز عن سائر الشعراء برقته وهلهلته وليونته لأن كل ما يحف بهم من الترف والنعيم والرخاء لا يبعثهم على أن ينهجوا مناهج غيرهم من الشعراء وأن يفتنوا في الشعر افتتانهم وأن يحسنوا في سائر ضروبه إحسانهم

ولله صاحب الأغاني إذ يقول عن أمير المؤمنين عبد الله بن المعتز الخليفة العباسي الشاعر المشهور - وهو الشاعر بحق على الإطلاق من بين الملوك الشعراء - وهذه الكلمة - كلمة الأغاني - من أروع كلماته وقد دافع فيها عن ابن المعتز أحسن دفاع، وهي وحدها صفحة من أبدع صفحات الأدب، قال: وشعره أي ابن المعتز وإن كان فيه رقة الملوكية وغزل الظرفاء وهلهلة المحدثين فإن فيه أشياء كثيرة تجري في أسلو بالمجيدين ولا تقصر عن مدى السابقين، وأشياء ظريفة من أشعار الملوك في جنس ما هم بسبيله، ليس عليه أن يتشبه فيها بفحول الجاهلية، فليس يمكن واصفاً لصبوح في مجلس شكل ظريف بين ندامى وقيان وعلى ميادين من النور والبنفسج والنرجس ومنضود من أمثال ذلك وفاخر الفرش ومختار الآلات ورقة الخدم أن يعدل عما يجانس ذلك من السلام السبط الرقيق الذي فهمه كل من حضر إلى جعد الكلام ووحشيه، وإلى وصف البيد والمهامة والظبي والظليم والناقة والجمل والديار والقفار والمنازل الخالية المهجورة، ولبا إذا عدل عن ذلك وأحسن قيل له مسيء، وإلا أن يغمط حقه كله إذا أحسن الكثير وتوسط في البعض وقصر في اليسير، ولكن أقواماً أرادوا أن يرفعوا أنفسهم الوضيعة ويشيدوا بذكرهم الخامل ويعلوا أقدارهم الساقطة بالطعن على أهل الفضل والقدح فيهم فلا يزدادون بذلك إلا ضعة ولا يزداد الآخر إلا ارتفاعاً، ألا ترى إلى ابن المعتز قد قتل أسوأ قتلة ودرج فلم يبق له خلف يفرطه ولا عقب يرفع منه وما يزداد بأدبه وشعره وفضله وحسن أخباره وتصرفه في كل فن من العلوم إلا رفعة وعلواً - إلى أن قال: وكان عبد اله حسن العلم بصناعة الموسيقى والكلام على النغم وعللها وله في ذلك وفي غيره من الآداب كتب مشهورة ومراسلات جرت بينه وبين عبيد الله بن عبد الله بن طاهر تدل على فضله وغزارة علمه وأدبه، ولقد قرأت بخط