للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[النقد والتقريظ]

تاريخ آداب العرب

أطرفنا صديقنا نابغة الفنين من البيان والأدب، وذو الرئاستين على النظم والنثر من لغة العرب أبو السامي مصطفى صادق الرافعي بنسخة من المجلد الأول من هذا التاريخ النفيس الذي طال تشوق الأدباء إليه وارتقابهم مطلعه منذ سنيات حتى جعلوا ينتقمون من إبطاء الأمل بتعجيل اليأس فيرون أن الكتاب لا يصدر ثم يذكرون عزيمة صاحبه وكفايته فيعودون إلى التأميل ويعتصمون بالصبر الجميل ويتركون الثمرة لغصنها إذ كان لا بد له في إنضاجها من وقت موقوت.

واليوم قد صدر المجلد الأول في قريب من ٤٥٠ صفحة من الغرار الكامل وهو يحتوي الكلام في تأريخ اللغة وتأريخ روايتها وما يداخل هذين البابين. وقد بقي من التاريخ عشرة أبواب تقع في أربعة أجزاء من غرار هذا الجزء وحجمه - هكذا كتب الرافعي على غلاف الجزء الأول وإن حقاً على (البيان) - وهو الذي أرصدناه للآداب العربية - أن يفيض في القول على هذا الكتاب بما يوفيه بعض حقه فأنا أعلم الناس بما عاناه صاحبه من اقتحام هذه الخطة المنكرة المتوعرة ومطاولة التعب فيها حتى يضارع تقدير الذين أملوه من الأدباء وثقة الذين استكفوه من الفضلاء.

لما فتحت الجامعة المصرية أسقطت الآداب العربية من دروسها دون آداب اللغات الأخرى ومرت على ذلك زمناً حتى اشتهرها الرافعي وتبهها إلى هذا الواجب الذي ينبغي أن تجعل ما سواه نافلة بالنسبة إليه فنشرت الجامعة على الأدباء اقتراحاً تسألهم فيه أن يضعوا لها كتاباً وافياً في تاريخ آداب اللغة العربية على أن تكون مدة التأليف سبعة أشهر فقرأنا يومئذ في الجريدة الغراء مقالة للرافعي ليس أبلغ منها في باب التهكم والتقريع أوليس هذا الاقتراح نفسه مادة نادرة من مواد الهزل الذين يراد به الجد والا فأي أديب أو شبه أديب يطمع أن يؤلف ذلك الكتاب الوافي في سبعة أشهر وهو لو وجده في مكتبة الجامعة. .! مثلاً وأراد أن ينسخه ويدعيه لما كفته هذه الأشهر التي هي بطبيعتها مدة الحمل الناقص.

فتداول مجلس ادارة الجامعة الأمر لأطال مدة التأليف إلى سنتين وقد خلت وإن الثالثة لتوشك أن تنقضي ومع هذا لم يقدم للجامعة كتاب ولا شبه كتاب. وكانت تعلم حق العلم أن