للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرافعي يعمل في هذا التاريخ فلا ندري كيف تفهم اليوم هذا المعنى البليغ الصامت وهو طي الكتاب دونها ونشره للناس.

ونحن فقد قرأنا كتباً مختلفة سماها أصحابها تاريخ أدبيات اللغة العربية فلم نر إلا مايصح أن يسمى دروساً ابتدائية. أما للعلم الذي لايكون إلا بعد النظر والنظر الذي لا يكون إلا بعد البحث والبحث الذي لا يكون إلا مع الروية وبسطة الذرع فلم نر منه وفي الحقيقة أن الذي يطمح لأن يضع كتاباً في تاريخ الآداب العربية إنما يضطلع بعمل كان ينبغي أن يتوزعه كثير من العلماء والرواة المتقدمين في عصور مختلفة ولكنهم أهملوه فلم يبق إلا أن يقوم وحده مقامهم جميعاً وفي هذا من العنت والبلاء مالا يمكن لقلم أن يصوره ويصفه بأبلغ مما جاء به الرافعي في مقدمة كتابه المنشورة في غير هذا الموضع وإن العثور على مواد هذا التاريخ لايسر التعب فيه وإن كنت لاتجدها إلا متبددة ولا تجد المتبدد منها إلا ناقصاً ولا تجد الناقص إلا بعيداً كل البعد عن صورة التاريخ فأهون العمل في التأليف أن تقرأ عشرات المجلدات صابراً محتسباً فإن عثرت علي أشياء وأردت أن تستنبط منها التاريخ وتربط أجزاءه وتتم نقصه بالاستنتاج والتنظير فهناك العقبة الكؤد التي لا يصعد فيها إلا النسر. وعلى هذا ترى أنه لايمكن أن يجيء التاريخ من مؤرخ أو لغوي أو شاعر أو كاتب أو خطيب بل من مجموع هذه كلها حتى تكون شخصية المؤلف واضحة في كل باب فيكتب في التاريخ مؤرخاً وفي اللغة لغوياً وفي الشعر شاعراً وفي النثر كاتباً وفي الخطابة خطيباً ثم لا يفوته أن يكون جريئاً في الحق نقاباً عليه فإن التقديس الكاذب الذي أضعف جرأة العلماء المتقدمين من أهل الأدب هو الذي ضيع مواد هذا التاريخ وطمس على كثير من أصوله كما ترى شرح ذلك في مواضع متعددة من الكتاب الذي بين أيدينا. ولسنا نعلم أحداً في أدباء العصر يتقدم في تلك الأبواب كلها غير صاحب هذا الكتاب.

لذلك ترى النقص ظاهراً كل الظهور في كل الكتب التي وضعها فضلاء المستشرقين كما تراه في هذه الكتب والدروس التي ابتلى بها طلبة المدارس في مصر أعلاها وأدناها من كل كتاب مكتئب وأسلوب مسلوب وتحقيق غير حقيق.

هذا في رأينا أكبر أسباب النقص أما أصل الخطأ الذي وقع فيه كل المؤلفين في تاريخ الآداب العربية فقد وصفه الرافعي في كلمته التي عقب بها على المقدمة وهو يرى أن ذلك