للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مقالات في الأدب]

للفاضل عبد الرحمن شكر أيضاً

١

التخيل والتوهم

ينبغي أن نميز في معاني الشعر وصوره بين نوعين نسمي الأول التخيل والآخر التوهم فالتخيل هو أن يظهر الشاعر الصلات التي بين الأشياء التي ربما خفيت عن غيره ولكن يشترط في هذا النوع أن تكون الصلة متينة والتوهم أن يتوهم الشاعر بين شيئين صلة ليس لها وجود أو أن يبين عن صلة غير متينة أنظر إلى قول أبي العلاء المعري في سهيل النجوم

ضرجته دماً سيوف الأعادي ... فبكت رحمة له الشعريان

أو قوله في هذه القصيدة أيضاً:

وعلى الأفق من دماء الشهيدين ... علي ونجله شاهدان

فإن الصلة التي بين الشفق وبين دماء الشهيدين صلة توهم وكذلك الصورة التي في البيت الأول صورة توهم ثم أنظر إلى قول أبي العلاء:

كم قبلة لك في الضمائر لم أخف ... فيها العقاب لأنها لم تكتب

هذا مثال من أمثال التخيل الصريح فإن العاشق مغري بأن يليح لعينه بصورة حبيبته ثم يقبل تلك الصورة الخيالية فالصورة المودعة في هذا البيت صورة طبيعية يعرف صحتها كل من عالج الحب وانظر إلى قول الشريف الرضي:

ما للزمان رمي قومي فزعزعهم ... تطاير القعب لما صكه الحجر

هذا أيضاً من التخيل الصريح فإن تفرق شمل القوم مثل تطاير أجزاء القدح المكسور وانظر إلى قول ابن المعتز في الشيب:

(هذا غبار وقائع الدهر)

فأن المشيب يأتي المرء من معالجة الأيام ومصارعتها كما أن الغبار تستثيره المصارعة والمناهضة.

ومن أمثال التوهم البديع قول أبي تمام في المشيب