للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بطل مصر العظيم

[سعد زغلول]

إنما ألهم الناس أن يعينوا هذا البطل نائبا عنهم لأن الله سبحانه وتعإلى كان قبل ذلك قد اجتباه واختاره وعينه ناصرا ومؤيدا لحقيقة من الحقائق الكبرى وتاجرا مروجا لها عن تمام اعتقاد لها في أعماق نفسه بحيث يتجلى لأشد معارضيه وألد خصومه إنهم إنما يطاولون الطود الشامخ الباذخ ويساجلون التيار الدافق الزاخر وأنهم وإياه.

كناطح صخرة يوما ليفلقها ... فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

أجل يتجلى لأهل المراء والمعاندة أن أمامهم صخرة تتفتت عليها بددا وترفض دونها هباء هجمات القحة وحملات الاعتداء من أحزاب المروق والفسوق، فلا جرم أن تصبح هذه الصخرة الصلدة محل ثقتنا واعتمادنا، وأن يكون بذروة هذا الجبل الأشم اللائم بذؤابته أشعة كوكب الحرية مناط أمانينا وآمالنا، وأن تكون ثقتنا به بعد ذلك عمياء فلا يسأل عما يفعل إذا كانت روحه خلاصة أرواحنا ونفسه صورة مؤلفة من مجموع نفوسنا، وكان هوذاته الوطن الذي يمثله وهوعنوان آرائنا ومبادئنا ونزعاتنا وعواطفنا يمثلها في صفحته الناصعة النقية أبين تمثيل وأصدقه وأبرأه من شوائب الأغراض والغايات وغبار التهم والشكوك والشبهات. فلا يعد عجيبا أن يجعله الشعب مقياس شعوره والمرآة التي يستبين في صفحتها صورة المثل الأعلى من الهمة والواجب فيتخذها القدوة يصلح من نفسه احتذاء لمثالها وطبعا على غرارها ليشبهها ويحكيها. وهنيئا لهذا الشعب الذي اختار من ذلك البطل رجلا جزلا شديدا. صلبا جليدا. وليس كبعض الناس خيالا أجوف وشبحا فارغا تنفذ فيه اليد ولا تراه العين.

إن من أبين الأدلة على بطولة سعد استغناءه بنفسه واستقلاله بذاته. وتلك شيمة الرجولة وآية البطولة. إن سعدا لهوالكنز الثمين والذخر العتيد والغنى الواسع والثراء العريض حتى لقد يستحيل على الذهن أن يتصوره بحالة ضعف أووهن أوعجز أوخور أواستكانة أواستخذاء أوذلة أومسكنة أواحتياج إلى معونة ناصر أومساعدة عضد مؤازر أوافتقار إلى أنس أنيس. أومسامرة جليس. ومحال أن يتمثل للوهم وكأنه وحيد أومستوحش أوفقير أومعسر أوشقي بائس. أوقانط يائس. أوحزين مغموم. أومطرق مهموم. بل إن الذهن