للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مختارات]

أدب الملوك

من الكلمات المتداولة الكثيرة الذيوع والإنتشار قولهم كلام الملوك ملوك الكلام، وإن هذه الكلمة لتصدق على كثير من كلام الملوك ومن إليهم من الأمراء والعظماء وذوي السلطان ونحن ننشر هنا شيئاً مما عثرنا عليه من الكلمات الحكيمة والآداب الرفيعة التي أثرت عن بعض الخلائف والملوك والأمراء والعظماء من المتقدمين عسى أن يكون فيها لمن بقي اعتبار. حدث الأصمعي قال: لما عزم الرشيد على الأنس بي قال لي في أول يوم أحضرني للأنس والمحادثة يا عبد الملك أنت أحفظ منا ونحن أعقل منك، لاتعلمنا في ملأ، ولا تسرع إلى تذكيرنا في خلوة واتركنا حتى نبتدئك بالسؤال فإذا بلغت من الجواب قدر استحقاقه فلا تزد، وإياك والبدار إلى تصديقنا وشدة التعجب مما يكون منا، وعلمنا من العلم ما نحتاج إليه على عتبات المنابر وفي أعطاف الخطب وفواصل المخاطبات، ودعنا من رواية حوشي الكلام وغرائب الأشعار وإياك وإطالة الحديث إلا أن نستدعي ذاك منك، ومتى رأيتنا صارفين عن الحق فأرجعنا إليه ما استطعت من غير تقرير بالخطأ ولا إضجار بطول الترداد - قال الأصمعي: فقلت يا أمير المؤمنين. إني إلى حفظ هذا الكلام أحوج مني إلى كثير من البر - ونهض هشام بن عبد الملك يوماً من مجلسه فسقط رداؤه من منكبه فتناوله بعض جلسائه ليرده إلى موضعه فجذبه هشام من يده وقال مهلاً إنا لا نتخذ جلساءنا خولاً - وقال عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه: إن قوماً صحبوا الملك بغير ما يحق لله عليهم فأكلوا بخلاقهم وعاشوا بألسنتهم وخلفوا الأمة بالمكروه والخديعة والخيانة، كل ذلك في النار، ألا فلا يصحبنا من أولئك أحد. فمن صحبنا بخمس خصال فأبلغنا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ودلنا على ما لا نهتدي إليه من العدل وأعاننا على الخير وسكت عما لا يعنيه وأدى الأمانة التي احتملها عامة المسلمين فحيي هلاً به. - وتناظر المأمون ومحمد بن القاسم في شيء ومحمد يغضي له ويصدقه فقال له المأمون أراك تنقاد إلى ما تظن أنه يسرني قبل وجوب الحجة عليك ولو شئت أن أقتسر الأمور بفضل بيان وطول لسان وأبهة الخلافة وسطوة الرآسه لصدقت وإن كنت كاذباً وصوبت وإن كنت مخطئاً وعدلت وإن كنت جائراً ولكني لا أرضى إلا بإزالة الشبهة وغلبة الحجة،