للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تاريخ أعضاء الجمعية التشريعية]

تمهيد آخر

الأقلام مزامير التاريخ يترنم فيها بذكر الحوادث العظام. والمفاخر الجسام. ولعله ليس في حوادث الدهر وشؤون العالم شيء هو أجل وأخطر من ظهور رجل عظيم لذلك كان ظهور هذا هو أحق الحوادث وأجدرها يترنم اليراع. في حسن تنغيم وإيقاع وقدما رأينا الروض يزهر ويثمر، فيسجع البلبل الصداح. والفجر يلوح ويسفر، فيصيح غريد الصباح. ولقد ظهر بهذا البلد الأمين في هذا العصر. عصر البعث والنهضة رجال عظام. وقادة أعلام. وكان يراع مجلة البيان بجيش في صدره الغناء. طرباً بذكر سيرهم الغراء. فيهم أن ينطلق. ويريد أن ينطلق فتعتاقه مخافة التقصير. وترده خشية الرجوع بخيبة النضو الحسير. حتى إذا مد في صدره بحر المديح واحتفل واديه. وعب عبابه وزخر طاميه. جاز السواحل وسال. وعدا الحواجز وانثال. وأرسل العبارة تلو العبارة، والمقال أثر المقال، بما قد طال صمته وأحجامه، وانقباضه عن طروق هذا الباب واحتشامه.

نعم قد قاض لنا الله بعد طول سكوت أن نتناول سير صفوة رجال هذا العصر ونخبة أبنائه من أهل هذا العصر. وقد رأينا أن نبدأ بأعضاء الجمعية التشريعية إذ كانوا هم ألسنة الأوطان وقولبها. وزبدة الأمة ولبابها. بمقولها ينطقون. وبفؤادها يشعرون وبعينها ينظرون، وبرأيها يرون.

وقد خصصنا بهذا العدد خمسة من الأعضاء كلهم سيد نبيل وبطل جليل، والخمسة في موازين الفضل والرجحان متعادلون كالحلقة المفرغة لا يعلم أين طرفاها.

ونحن الآن آخذون في الكلام عن الوزير الخطير وكيل الجمعية آنفاً عطوفة عدلي باشا يكن إذ وصل إلينا تاريخه قبل تاريخ سائر الأعضاء.

عدلي باشا يكن

الوكيل المعين للجمعية التشريعية

عدلي باشا يكن أحد سلالة الأسرة اليكنية، رجل كريم البيت شريف المحتد أغر النسب عنيد الحسب، له في المجد كاهل وسنام، ومن العزة القعساء دولة خفافة البنود والأعلام، وما بالكم بمن كان جد مولى (ابن عم) مليك مصر ساكن الجنان محمد علي باشا الكبير،