للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صلى الله عليه وسلم كتاب بهر بالإعجاز، ولقي عدوه بالأرجاز، ما حذى على مثال، ولا أشبه غريب الأمثال، ماهو من القصيد الموزون، ولا في الرجز من سهل وحزون، ولا كل خطابة العرب، ولأسجع الكهنة ذوي الأرب، وإن الآية منه أو بعض الآية لتعترض في أفصح كلم يقدر عليه المخلوقون فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق، والزهرة البادية في جدوب ذات نسق.

ولا يعقل أن يكون الرجل قد أسر في نفسه غير ما أبدى من هذا القول ولم يضطره شيء إليه ولا أعجله أمر عن نفسه ولا كان خلو رسالته منه تضييعاً ولا ضعفاً، وما نشك في أنه كان يستسر بهنات مما يضعف اعتقاده ولكن أمر القرآن أمر على حدة فما هو عند البرهان عليه وراء القبر ولا وراء الطبيعة.

(وبعد) فهذا الذي وقفناك عليه هو كل ما صدقوا وكذبوا فيه من خبر المعارضة، أما إن القرآن الكريم لا يعارض بمثل فصاحته وبمثل ما احتواه ولو اجتمعت الأنس بما يعرفونه وأمدهم الجن بمالا يعرفون وكان بعضهم لبعض ظهيراً فهو ما نبسطه فيما يلي، وذلك هو الحق الذي لا جمجمة فيه ولا يستعجم على كل بليغ له بصر بمذاهب العرب في لغتها وحكمة مذاهبها في أساليب هذه اللغة وقد تفقه بالبحث في ذلك والكشف عن دقائقه وكان يجري من هذه اللغة وقد تفقه بالبحث في ذلك والكشف عن دقائقه وكان يجري من هذه الصناعة البيانية على أصل ويرجع فيها إلى طبع.

وإن شعور أبلغ الناس بضعفه عن أسلوب القرآن ليكون على مقدار شعوره من نفسه بقوة الطبع واستقاضة المادة وتمكنه من فنون القول وتقدمه في مذاهب البيان فكلما تناهى في علمه تناهي كذلك في علمه بالعجز، وما أهل الأرض جميعاً في ذلك إلا كنفس واحدة ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله إن الله عزيز حكيم.