للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القرآن فقال: الدليل عل صدق بطليموس أواقليدس أن اقليدس ادعى أن الخلق يعجزون عن أن يأتوا بمثل كتابه، أكانت نبوته تثبت؟ فأعجب لهذا الجهل الذي يكون قياساً من أقيسة العلم. . . وأعجب (للكلام) الذي يقال فيه: إن هذا كتاب وذلك كتاب فكلاهما كتاب، ولما كانا كذلك فأحدهما مثل الآخر، ولما كان أحدهما معجزاً لا محالة وما يثبت لصاحب الأول يثبت بالطبع لصاحب الثاني وما دمنا نعرف أن صاحب الكتاب الثاني لم تثبت له نبوة فنبوة صاحب الأول لا تثبت. . . لعمري أن مثل هذه الأقيسة التي يحسبها ابن الراوندي سبيلاً من الحجة وباباً من البرهان لهي في حقيقة العلم كأشد هذيان عرفه الأطباء قط. وإلا فأين كتاب من كتاب وأين وضع من وضع وأين قوم من قوم وأين رجل من رجل؟ ولو أن الإعجاز كان في ورق القرآن وفيما يخط عليه لكان كل كتاب في الأرض ككل كتاب في الأرض، ولا طرد ذلك القياس كله على ما وصفه كما يطرد القياس عينه في قولنا أن كل حمار يتنفس وابن الراوندي يتنفس فأين الراوندي يكون ماذا. . .؟.

ولو أن مثل هذه السخافة تسمي علماً تقوم به الحجة فيما يحتج له ويبطل به البرهان فيما يحتج عليه لما بقيت في الأرض حقيقة صريحة ولا حق معروف ولا شيء يسمى، ولكان هذا اللسان المتكلم قد عبدته أمم كثيرة لأن فيه قوة من قوى الخلق ولأنك لا تجد سخيفاً من سخفاء المتكلمين الذين يعتدون مثل ذلك علماً كابن الراوندي مثلاً إلا وجدته قد أمعن في سخفه فلا تدري أجعل آلهة هواه أم جعل آلهة في فمه.

وقد قيل إن هذا الرجل عارض القرآن بكتاب سماه (التاج) ولم تقف على شيء منه في كتاب من الكتب مع أن أبا الفداء نقل في تاريخه أن العلماء. قد أجابوا عن كل ما قاله من معارضة القرآن وغيرها من (كفرياته) وبينوا وجه فساد ذلك بالحجج البالغة. والذي نظنه أن كتاب ابن الراوندي إنما هو في الاعتراض على القرآن ومعارضته.

متعثراً يسقط بعضه في جهة وينهض بعضه في جهة ويستقيم من ناحية ويلتوى من ناحية وأنه عسى أن لا يكون في اضطراب النسق وتوعر اللفظ واستهلاك المعنى وفساد المذهب الكتابي وضعف الطريقة البيانية شر من هذا كله وما أسلوب الرجل إلا من هذا كله.

على أن المعري رحمه الله قد أثبت إعجاز القرآن فيما أنكر من رسالته على ابن الراوندي فقال: وأجمع ملحد ومهتدي، وناكب عن الحجة ومقتدي، إن هذا الكتاب الذي جاء به محمد