للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل من كتاب سر تطور الأمم]

ننشر هنا الفصل الأخير من كتاب سر تطور الأمم الذي عني بنقله إلى العربية شيخ الكتاب الاجتماعيين في مصر العالم أحمد فتحي زغلول باشا - وهذا الفصل هو كالفهرس لسائر أبواب الكتاب وموضوعاته وبقراءته يلم القارئ بنظريات هذا الكتاب إلماماً. قال:

لكل أمة خواص نفسية ثابتة خواصها الجسمية تقريباً. والنوع النفسي كالنوع الجسمي أي المادي لا يتغير إلا على طول السنين ومر الأجيال.

يوجد بجانب الخواص النفسية الثابتة الوراثية التي يتكون منها المزاج العقلي لكل أمة خواص ثانوية تنشأ من تغيرات البيئة وتتجدد على الدوام فيخيل لذلك أن الأمة في تحول مستمر كبير.

المزاج العقلي لكل أمة هو خلاصة أفرادها الأحياء وأسلافهم الذين كونوها. فالشأن الأول في حياة الأمم للأموات لا للأحياء لأنهم هم الذين خلقوا شعورها الأدبي وهيأوا الأسباب البعيدة في سيرها.

تمتاز الأمم بعضها عن بعض بفروق كما امتازت بفروق نوعية. والأولى ملازمة للثانية. والفرق ضعيف بين أفراد المثال الوسط في أمة ومثلهم في أمة أخرى وعظيم جداً بين أفراد الطبقات الراقية. ومن هذه المقارنة يتبين أن الفارق بين الأمم الراقية وبين الأمم المنحطة هو في احتواء الأولى عدداً غير قليل من ذوي العقول الكبيرة وفي أن ذلك غير موجود في الثانية.

يتساوى أفراد الأمة المنحطة فيما بينهم مساواة واضحة وكلما ارتقت الأمة وجدث الفروق بينهم. فأثر الحضارة الذي لا بد منه هو إيجاد الفروق بين الأمم وبين الأفراد وعليه فهي سائرة نحو التفاوت لا نحو المساواة.

حياة الأمة ومظاهر حضارتها مرآة روحها تدل على أمر خفي لكنه موجود. فالحوادث الخارجية أثر ظاهر النسيج خفى هو الفعال.

ليس الشأن الأول في حياة الأمم للاتفاق ولا للأحوال الخارجية ولا للنظامات السياسية على الأخص بل لخلق كل أمة.

لما كانت عناصر مدنية كل أمة هي للدلالة الخارجية على مزاجها العقلي أعني ممثلة حال تلك الأمة من حيث الكيفية الخاصة بها في شعورها بالمحسوسات وتصورها إياها فمن