للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عادات أهل التوجو وغرائبهم]

يذكر القراء أنه ما كادت تقع الحرب حتى ضم الإنكليز إليهم أرض التوجو إحدى مستعمرات الألمان في (القارة المظلمة) كما تسمى أفريقا عند الأمم البيض، ولما كان أهل التوجو لا يزالون على الفطرة الأولى في كل فروع حياتهم، ولا تزال حالهم كحال الإنسانية جمعاء في العصور الحجرية والطبقات الجيولوجية القديمة، ولا تزال حالهم كحال الإنسانية جمعاء في العصور الحجرية والطبقات الجيولوجية القديمة، فقد رأينا أن نجيء بوصف هؤلاء الناس وشتى عاداتهم، حتى تعرف الإنسانية المهذبة مقدار الهاوية السحيقة الغور التي وثبت من أعماقها، وإن كانت لا تزال اليوم تحمل دليلاً من دلائل الإنسانية المتوحشة، وهي العيش في ظل الحرب!.

أرض توجو - أو كما يسميها الإنكليز توجولاند - إقليم مستطيل يمتد على الساحل الغربي من أفريقيا، بين مستعمرة ساحل الذهب الإنكليزية، وبين مستعمرة داهومي الفرنسية، وهو وإن كان مستعمرة من مستعمرات الألمان إلا أن سكانه من الأوروبيين لا يزيدون عن ثلاثمائة نفس، بل لم يكن فيها يوم ظفر بها الإنكليز في بدء الحرب أكثر من اثني عشر ألمانياً كلهم من الموظفين العسكريين والمدنيين بها، بينا يزيد أهلوها عن مليون نسمة.

وهم كاهل البلاد المتوحشة ينقسمون إلى قبائل وشعوب، وكلها لا تزال في مبادئ النشوء الاجتماعي فأما قبائل الجنوب فعلى شيء من المدينة الابتدائية يجيدون ركوب الخيل، ويسترون جسومهم بالقماش ويدينون بالإسلام، أما أهل الشمال فيدينون بالوثنية ويعيشون عيشة أهل العصر الحجري تماماً، جل أسلحتهم القوس والنبال وهذه الأخيرة يطلونها سماً زعافاً، وليس لديهم من السكة ووسائل المعاملات غير الملح، والنساء والرجال حفاة عراة الأبدان، وفي بعض النواحي يستترون بلحاء الشجر أو أوراق الأغصان الناضرة.

ولعل أرق قبائلهم قبيلة الكونوكومبوا وهم وإن كانت الروح الحربية عندهم لم تخرج عن حدود القوس والنبل إلا أنهم قوم شجعان بواسل حتى أن الألمان أنفسهم خرجوا من المستعمرة ولما يضعفوا شوكة هذه القبيلة الباسلة.

وترى منظر الجندي المحارب منهم - كما هو ظاهر من الصورة التي أمامك - لا يقل في الروعة عن منظر أي جندي آخر، يلبس فوق رأسه خوذة تزينها عقود من الخرز والمحار ويعلوها قرنان مستطيلان من قرون الوعل ويشد إلى كتفه جعبة يضع فيها سهامه