للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اكتساب الاحترام]

في القهوات والفنادق

مقال فكيه بديع لكاتب نقادة هزلي كبير

من بين الملذات الإنسانية التي نتطلع إليها نحن جميعا ونعمل على اجتنائها، هذا الاحترام الذي نراه في عيون الناس ونشهده مكيلا لنا مغدقا علينا. والناس واهمون في قولهم أن الاحترام مزية مقصودة على السروات والمثرين، وحق من حقوق الأغنياء، غير منازعين فيه أومعارضين وإني لأعرف رجلا مسكيناً فقيراً اضطر إلى تزوير صك (شيك) وتعريض نفسه إلى عذاب السجن وغيابة المحابس، كل ذلك لكي يظهر لصاحب الفندق الذي نزل به أنه غني وأنه يستحق الاحترام. ولقد كان هذا المسكين مخطئاً خطأ كثيرين منا نحن الفقراء. لأن الأغنياء كذلك مشتركون معنا أيضاً في هذا الشأن، وليس في العالم ثروة مهما كانت طائلة تستطيع أن تكتسب احترام الغلمان والجرسونات وأصحاب البارات وخدم الفنادق ومساحي الأحذية، وإنما قد نشهد من هؤلاء العامة احتراماً كاذبا لا أثر له في الحقيقة.

ولكن هناك وسائل يستطيع الإنسان أن (يبلف) بها غلمان القهاوي ويكسب احترامهم وإجلالهم شأنه، وهي لا تحتاج إلى نفقة كثيرة، ولا تتطلب مالا طائلا.

فالطريقة الأولى منها هي أنك إذا بلغت القهوة أوالفندق فسر توا إلى القاعة الكبرى أوالردهة الواسعة وانطلق في الحال في الكلام عن مسابقات الخيل، وأندية البليارد، ومجامع الألعاب الراقية. وحذار أن تتكلم بتواضع أوهيبة كما يفعل الكثيرون ولكن ليكن كلامك بصوت جهوري متطاول قوي كأنك من النقاة فيما تحدث الناس حولك، وعليك أن تقوكلمتك وتصر عليها كأنما أصدرت بها قانونا لا حول عنه ولا مرد. واخرج عن طورك واغضب وقم حانقا من مكانك وعد إليه، إذا عرضك أحدهم فيما قلت أوتصدى لك من أراد مناقشتك في رأيك.

ورب معترض يقول لك إذا كنت تجهل هذه الفنون فلن تفلح حيلتك في كسب الاحترام من الغلمان والخدم في الحان الذي أنت فيه ولكن هذا الاعتراض قائم على السخف والبلاهة والخطأ، إذ هل تتصور أن الناس الجلوس حولك قد أصابوا منها أكثر من علمك. وإذا صح