للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[جواسيس الألمان]

كان نصف أعمال الألمان قبل وقوع هذه الحرب يقوم على التجسس، وينهض على استراق أسرار الأقران والأعداء، وقد بثوا عيونهم وأرصادهم في كل نواحي الدنيا وبلادها، فما تركوا بلداً يظنونه سيثور في وجوههم إذا وقعت الواقعة إلا ملؤوه بعيونهم.

وقد قام المستر ويليم لوكيه، وهو رجل من كبار كتَّاب الإنكليز وعلم من أعلام روائييهم، فوضع في خلال هذه الحرب كتاباً ممتعاً في أسلوب قصصي، أسماه جواسيس الإمبراطور وهو مجموعة فصول شائقة مدهشة، تنطوي كلها على حقائق غريبة ثابتة، لا يشوبها للريب شائبة، تدل على صحتها تقارير هائلة ضبطها الكاتب في تجسسه على الجاسوسية الألمانية، ومصورات يدوية عن المواقع والأماكن والحصون والبلاد والشواطئ الإنكليزية التي كان الجواسيس يدأبون هذه السنين على تصويرها وأنباء ديوان الحرب في ألمانيا عن دقائقها وعظائمها، وقد دفع بهذه التقارير وتلك المصورات والأسرار إلى نظارة الحربية الإنجليزية ليرى رأيها ويقف على نيتها، فردت إليه أوراقه دون تعليق، عالمه بصدقها، موقنة بخطورتها، ثم طلبت إليه أن يضعها في أسلوب روائي حتى تكون ألطف أثراً، وأبدع سرداً.

وقد وضع الكتاب على لسان صديقين من الإنكليز أخذا على عاتقيهما كشف أعمال الجواسيس الألمان في البلاد الإنكليزية ونحن ناقلون هنا فصلاً بديعاً عن محاولتهم سرقة أسرار المدافع الجديدة.

سرقة المدافع الجديدة

كنت أنا وصديقي راي في مدينة نيوكاسل على نهر التاين وقد حرضتنا بعض أبحاث قمنا بها على الاعتقاد بأن الجواسيس الألمان قد نزلوا بهذه المدينة يسعون سعياً متواصلاً في سرقة أسرار نوع جديد من المدافع، عظيم القوة، ضخم الحجم، كان يصنع إذ ذاك في معامل الأسلحة ببلدة السويك.

وقد كنا نازلين بفندق المحطة، فبدأنا منذ يوم مقدمنا نقوم ببعض التحريات والاكتشافات، ومن بين الأمور التي وقعنا عليها وجود ناد سري يقيمه الألمان هناك فجعلنا منذ ذلك الحين نرصده عن كثب ونسهر على مراقبة أفراده.