للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الطلاق وتعدد الزوجات]

نظرة فلسفية عامة في هذا الموضوع

للفيلسوف دافيد هيوم

لما كان الزواج عقداً يبرم بين الذكر والأنثى عن اتفاق وتراض وكان الغرض منه المحافظة على النوع فمن البديهي أنه لا يمكن أن تكون شروطه واحدة بعينها في جميع الأحوال المختلفة ولكن متنوعة حسبما يقتضيه الاتفاق ولذلك كان من الحماقة أن يحسب الناس أن الزواج يمكن أن يكون على صورة واحدة في جميع العصور والأمم، ولولا أن الناس مقيدون بالقوانين والشرائع لم تكد تجد زيجتين متماثلتين في الدنيا، بل لكنت تبصر بين كل زيجة وأخرى من الخلاف ما تراه بين سائر أنواع العقود والمساومات.

فعلى حسب اختلاف الظروف ومزايا القوانين المتعددة تختلف شرائط الزواج التي تفرضها هذه القوانين في الأماكن والأزمان المختلفة، ففي ميناء طونكين من بلدان الصين اعتاد البحارة الافرنج الذين يرسون بهذه الميناء أن يتزوجوا من الوطنيات مدة موسم البطالة، والأمر المدهش العجيب أن هؤلاء الزوجات بالرغم من قصر عمر هذا الزواج ويأسهن من بقائه يعطين أزواجهن أوثق العهود على ملازمة العفاف والصون لخدورهن وحسن القيام بجميع ما لهم عليهن من الحقوق.

وتتابعت مرة حروب وأوبئة على جمهورية أثينا (في عهد قدماء اليونان) فأفنت جانباً عظيماً من أهلها فأباحت الجمهورية للرجال زواج الاثنتين تعجيلاً بتعويض خسائرها، واتفق في ذلك الوقت أن الشاعر التمثيلي الكبير يروبيديز وقع بين امرأتين شريرتين فسامتاه سوء العذاب بكثرة مشاجراتهما ومنازعاتهما حتى بغضتا إليه النساء فبقى إلى آخر عمره من ألدّ أعداء الجنس اللطيف.

وحدث في بعض الأزمان أن سفينة غرقت على كثب من ساحل بلد قفر غير معمور فنجا جانب من ركابها ولاذوا بذلك الساحل وتصادف أن عدد الرجال فيهم كان أضعاف عدد النساء، فوقع الخصام والنزاع بين الذكور لتزاحمهم على الإناث ففض القبطان المشكل بتقسيمه العنصر اللطيف على رجاله بالطريقة الآتية: اختار امرأة جميلة لنفسه خاصة، وأعطى امرأة واحدة لكل اثنين من النوتية المتوسطي الدرجة، وامرأة واحدة لكل خمسة من